ثقة على الحافة ولا خاسر تحت القبة
العبادي اختصرها: شكرا لكتلة الاصلاح التي أعادت الثقة بالحكومة
سلوك كتلة الإصلاح النيابي أفقدها كثيرا من الدعم
الديوان عمد إلى النأي بنفسه ولقاء مع النواب الخميس القادم
تعديل حكومي بنكهة اقتصادية بعد نجاح العبادي والمعايطة
الأنباط: قصي ادهم
بجملة واحدة اختزل الوزير المخضرم والسياسي العتيق ممدوح العبادي مجريات جلسة الثقة تحت القبة امس حين داعب النائب عن كتلة الاصلاح سعود ابو محفوظ بقوله « شكرا لإعادة تجديد الثقة بالحكومة» وكان ابو محفوظ قد دعا العبادي الى عقد لقاء في مدينة الزرقاء مع كوادر حزب جبهة العمل الاسلامي ومؤازريه في المحافظة.
ما جرى تحت القبة كشف بوضوح بأن الدولة العميقة في الاردن ما زالت يافعه وقادرة على ادارة المشهد بكفاءة استثنائية تفتح باب الاسئلة عن اسرار غياب هذه العقلية عن المشهد العام والاكتفاء بنظرية «الفزعة» او الضربة الخاطفة على غرار عمل قوات الصاعقة العسكرية.
جلسة الثقة لا يمكن كشف اسرارها دون قراءة ما قبل الجلسة، ولعل ابرز قراءة تكمن في قراءة المذكرة وحجم الابتعاد عنها كونها قادمة من كتلة الاصلاح الأبنة البرلمانية لجماعة الاخوان المسلمين التاريخية وذراعها السياسي جبهة العمل الاسلامي، فقد حملت المذكرة في طياتها العداء للكتله التي تستعلي على النواب في الاداء وترفض التنسيق على قاعدة الحد الأدنى وتعمل بانفرادية وهذا قلل من حجم التعاطف مع المذكرة بحكم ان نجاحها يعني اثبات ان لا معارضة خارج رحم الاخوان كما قال مسؤول تنفيذي يرأس اكثر مؤسسة رسمية تحظى بقبول الشارع الاردني.
النقطة الثانية ان اللحظة الوطنية لا تحتمل الاطاحة بالحكومة كما لا تحتمل ازهاق روح هيبة مجلس النواب، الذي يعيش لحظة شعبية صعبة.
فكان لا بد من ايجاد توليفة تحفظ مكانة الدولة وهيبتها بحيث لا تشعر الحكومة بالنصر ولا يشعر النواب بالهزيمة، وهذا ما حصل فعلا، حيث حشرت الحكومة في زاوية ثقة على الحافة تجعلها تحسب حساب خطوتها القادمة في كل المجالات وتمنح المجلس « وحدة دم» اضافية ترفع من مناعته السياسية فنجحت الدولة في تجاوز اصعب لحظة سياسية، واذا كان لا بد من تحديد خاسر فهي الحكومة التي تراجعت شعبيتها وثقة البرلمان بها.
الحديث الغرائزي قد لا يعجبه هذا المنطق لكن السياسة تقول ان ما حدث انجاز للجميع فالشارع عليه ان يثق بانه حاضر في ذهن الجميع من اعلى القيادة الى آخر الدرج الرسمي.
سيناريو جلسة الثقة الذي رسمه عقل جمعي سينعكس بالضرورة على شكل الحكومة القادم وملمح التعديل القادم على اعضائها، فالرجال الثاني في الحكومة نجح في ادارة الملف وكذلك نجح وزير الشؤون السياسية والبرلمانية في انتاج وصفة تكفل عدم خسارة طرف من الاطراف كل ما لديه، فالحكومة خسرت وبقيت والنواب نجحوا ولم يهزموا الحكومة.
معادلة صعبة تلك التي جرت أمس تحت القبة فالحسابات الدقيقة قبل يوم من جلسة الثقة استقرت على ان الحكومة يجب ان تبقى تحت الضغط بحيث تحصل على ثقة «النصف + واحد» فقط، ولعب رئيس المجلس المهندس عاطف الطراونة دورا مهما في تمرير المعادلة الصعبة حيث ابقى على جزء من اعضاء كتلته خارج القبة لضمان الحسم الدقيق، حيث استدعاهم في اللحظة الأخيرة.
اركان الدولة عزفوا نغما موحدا حيث عمد رئيس الديوان الملكي الى لقاء اعضاء المكتب الدائم ورؤساء الكتل واللجان يوم الخميس القادم، في اشارة الى ان القصر ما زال على ثقته بالنواب واحترام قرارهم تحت القبة، لكنها ايضا اشارة الى ضرورة ان تكون العلاقة منسجمة مع الحكومة ولا يعني الانسجام «الطاعة» بل ترسيم المسافة بحيث تبقى الحكومة تحت رقابة البرلمان دون تعطيل لاعمالها وهذا ما عبر عنه رئيس الحكومة في كلمته بعد الثقة بأن الحكومة ماضية في برنامجها القائم على عدم ترحيل الأزمات وعدم البحث عن الشعبوية ولكن تحت رقابة النواب الصارمة.
لحظة وطنية مضت بنجاح وعلى السلطتين اعادة ترسيم العلاقة على ايقاع النشيد الوطني فقط وردود فعل الشارع الشعبي.