الحدود الاخلاقية للنواب مانحي الثقة
وليد حسني
قال رئيس الوزراء د. هاني الملقي للنواب فور إعلان حصوله على ثقة نيابية ثانية إن حكومته لن تؤجل أية قرارات اتخذتها، وأن توصيات النواب التي تلقتها ستدرسها وسترد عليها الأسبوع المقبل.
كان هذا هو الرد السريع الذي رد به الرئيس الملقي على النواب مساء أمس بعد إعلان فوزه بثقة ثانية بلغت هذه المرة 67 صوتا مقابل 84 صوتا حصل عليها في الثقة الأولى في شهر تشرين الثاني 2016،وحجب الثقة عنه 49 نائبا مقابل 40 نائبا في الثقة الأولى، وتكرار امتناع 4 نواب في الثقتين، وغياب 9 نواب أمس مقابل غياب نائبين في الثقة الأولى.
هذه المعطيات لا تعني شيئا بالنسبة للحكومة طالما أنها عبرت فخ الثقة بالأمس، لتحصل على فوز مجاني، وليحصل مجلس النواب أيضا على خسارة مجانية كنت أنا شخصيا قد حذرت منها مرارا وتكرارا في سابقات الأيام.
والمهم الآن كيف يمكن للحكومة ولرئيسها رأب الصدع بينها وبين السلطة التشريعية، وهو بلا شك صدع قام منذ الثقة الأولى لم يُحسن النواب إدارته أو التعامل معه، موثرين البقاء في مقعد المتلقي على أن يكونوا في منصة الإرسال، وأن يجلسوا على البسط لا أن ينزووا تحت المقام، وشتان بين بسط ومقام.
بدا الرئيس الملقي منتشيا وهو يرد على النواب الذين جادوا له بثقة ثانية ربما كان الأحوج إليها من أي وقت مضى، فهذه الثقة في كل عناوينها تعني مباركة نيابية متوجة لكل سياسات الحكومة الإقتصادية والمالية، وهو امر كانت الحكومة قد حصلت عليه في الموازنة العامة للدولة للسنة المالية الحالية، وها هي تكرس ذلك التأييد النيابي بتطوع برلماني مثير للشفقة قبل أن يكون مثيرا للأسئلة.
بالأمس خسر المجلس القطرات المتبقية من ماء وجهه أمام الناس، ومنذ يوم أمس لم يعد من الجائز أخلاقيا لأي نائب منح الثقة للحكومة أو امتنع أو تغيب بدون عذر قاهر أن يوجه أي انتقاد للحكومة، ولا يجوز لأي نائب منح الثقة أو امتنع عن التصويت أن يقول بحقها أية ملاحظات تتعلق بسياساتها المالية والإقتصادية.
ولدواع أخلاقية فقط فلا يجوز لأي نائب منح الثقة أو امتنع أو تغيب بدون عذر أن يتباكى على المواطنين وعلى الفقراء وعلى الطبقات الإجتماعية الذائبة، ولا يجوز لأي منهم أن يجاهر بالقول ناقدا أو معاتبا الحكومة حول سياسات الإفقار وموجات الغلاء وتآكل المداخيل، وغيرها من الشؤون المتعلقة بالفقراء من الأردنيين.
وعلى النواب الذين منحوا ثقتهم للحكومة أو امتنعوا عن التصويت أو تغيبوا بدون عذر قاهر أن لا يرفعوا أصواتهم تحت قبة مجلس الأمة أو خارجها ناقدين للحكومة، أو حتى مقدمين ملاحظات على أدائها، كما لا يحق لهم بالمطلق الأخلاقي ــ على الأقل ــ الحديث عن الناس وعن مطالبهم واحتياجاتهم، ومشاكلهم وآمالهم وطموحاتهم، وفقرهم وجوعهم.
كان مجلس النواب بالأمس ينزف أمامي، وكنت في أسوأ حالات حزني، وأنا أتساءل بيني وبين نفسي" هل هؤلاء يدركون تماما ما يعانيه الناخبون خلفهم؟؟.".
كنت أتساءل بصمت بينما هاتف من داخلي يجيبني"لا تكترث فذاكرة الناس أقل من أن تتذكر، وأضعف من أن تتساءل، وأوهن من أن تحاسب".//