تونس … ضد التطبيع . !!!

 فارس شرعان


 

فيما يقبل العرب على التطبيع مع الكيان الصهيوني زرافات ووحدانا في اطار البحث عن مزايا اقتصادية تجارية وسياحية وصناعية او في اطار التقرب من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي تعتبر العلاقات مع الكيان الصهيوني المفتاح اليها تبدو تونس وكأنها تغرد خارج السرب حيث تنشغل الاوساط الحكومية والشعبية والبرلمانية والنقابية باصدار تشريع يجرم التطبيع مع الكيان الغاصب بأي شكل من الاشكال.

تونس على الصعيد الشعبي والفعاليات النقابية والحزبية وجماعات الضغط والاوساط الشبابية والفعاليات النسائية تعتبر من اصدق الشعوب العربية تفاعلا مع مبادئ الأمة العربية واحلامها القومية من حيث الاخلاص للأماني العربية وخدمة اهدافها والتأكيد بلا حدود للقصية الفلسطينية والعمل على ضمان الحقوق الوطنية المشروعة لشعب فلسطين وتحرير ارضه واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.

وجاءت ثورة الياسمين التي كانت رائدة الثورات العربية التي عملت على احداث التغيير المطلوب في الوطن العربي شأنها شأن الثورة الفرنسية التي غيرت وجه الأرض نحو الافضل ونشرت العدالة والاخاء والمساواة والديمقراطية والتعددية السياسية وتكريس حقوق الانسان لتحافظ على مواقف تونس القومية والاسلامية وتزيدها تمسكا بعروبتها ودفاعا عن قضاياها القومية.

ولما كانت ثورة الياسمين اولى ثورات الربيع العربي فقد تعرضت لتحديات خارجية وداخلية كبير في محاولة لافشالها والحيلولة دون تحقيق اهدافها وغاياتها لتكون تونس مركز اشعاع حضاري وثقافي في الوطن العربي والعالم كما كانت على امتداد العصور اشعاعا متواصلا للعلم والمعرفة والوعي والحضارة … ومع ذلك وبفضل ارادة التوانسة وعزمهم واصرارهم على عبور الجسر الى الحضارة وبر الامان هجومهم ومحاولاتهم لاقتلاع الثورة من حذورها ووضع العراقيل على طريقها بعد ان خرجت من عنق الزجاجة ..

فبعد نجاح الثورة احاط بها الارهاب من كل جانب الا ان ذلك لم يفت في عضد الثورة التونسية التي تغلبت على كافة الصعوبات والتحديات ونجحت في حشد الشعب التونسي حول الثورة ومبادئها واهدافها ما جعل منها الثورة العربية الوحيدة في الوصول الى اهدافها وادراك غاياتها بحيث عم عبقها ارجاء الوطن العربي ونشرت مبادئ الثورة الى بقاع شاسعة في العالم ..

وبعد استقرار الوضع السياسي ومعالجة الاختلالات الاقتصادية وعودة السياحة التونسية الى سابق عهدها استقرت المؤسسات التونسية وحظيت المرأة التونسية بالاهتمام العربي تستحق بحيث تستحوذ على اكثر من ٣٠ في المائة من مقاعد البرلمان وتتبوأ العديد من المناصب الوزارية والقيادية.

وعودة على رفض تونس للتطبيع مع الكيان الصهيوني فقد حرص التوانسة على مواصلة خدمة القضية الفلسطينية والدفاع عنها في شتى المحافل بما في ذلك رفض التطبيع السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي مع الكيان الصهيوني رفضا قاطعا وعدم اقامة اي نوع من العلاقات مع الكيان الغاصب وقد تفاعلت هذه الثقافة لدى الشعب التونسي لدرجة ان الاصوات ارتفعت بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وسن تشريع بذلك من خلال البرلمان حيث قامت الحكومة مشروع قانون يجريم التطبيع مع اسرائيل تمهيدا لعرضه على البرلمان واصدار قانون بهذا الخصوص كرد مباشر ما تسعى اليه دول عربية من تطبيع مع العدو الغاصب خاصة في اطار انخراط عدد من الاقطار العربية في تحرك ما يسمى بصفقة العصر التي تتضمن التطبيع بين دول عربية والكيان الصهيوني بغض النظر عن موقف الفلسطينيين من هذه الصفقة بعد ان روجت امريكا بان صفقة القرن مشروع يهم اقليم الشرق الاوسط ولا يخص الفلسطينيين وحدهم وبالتالي فان موافقتهم عليه ليست شرطا للتطبيع مع اسرائيل.

صحيح ان الظروف التي تتعرض لها تونس وخاصة الاوضاع الاقتصادية حدت بالسلطات الى تأجيل طرح مشروع رفض التطبيع وتجريمه على البرلمان الا ان تأجيله لا يعني الغاءه.

انها تونس الثقافة والوعي والحضارة والصمود والثورة والمواقف ؟؟؟؟؟؟ التي تستحق تقدير العرب واحترامهم الى ابعد الحدود … !!!