تهدئة بين انقرة وواشنطن
فارس شرعان
تهدئة بين انقرة وواشنطن
رغم الاختلاف الكبير في الموقفين العسكري والسياسي الامريكي من العلاقات مع تركيا الا ان زيارة وزير الخارجية الامريكي ريكس تيلرسون لانقره ولقائه مع الرئيس اردوغان ومباحثاته مع نظيره التركي اوغلو قد جعلت من العلاقات بين البلدين اشبه بالتهدئة فلا تزال المصالحة بين الجانبين بعيدة المنال في ضوء اختلاف المواقف كما ان التصعيد في المواقف بعد زيارة تيلرسون اضحى بعيدا في ضوء تقارب المواقف وحرص الولايات المتحدة على التقارب مع تركيا رغم ما شهده البلدان من تنافر واختلاف في الأونة الأخيرة…
زيارة تيلرسون لانقرة اعقبت الخلافات الحادة بين وزيري الدفاع الامريكي والتركي على هامش اجتماعات وزراء دفاع النيتو في بلجيكا مؤخرا حيث اكد الوزير الامريكي ضرورة اعطاء الاولوية لحرب داعش وطلب من انقرة التحلي بضبط النفس الحرب على الأكراد في منطقة عفرين الأمر الذي رفضته تركيا رفضا مطلقا مطالبة واشنطن بوقف تقديم المساعدات العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية وقوامها من الاكراد والدفاع عن قوات حماية الوحدات الكردية في منبج …
ورغم التباين الكبير في المواقف العسكرية تمكن تيلرسون من امتصاص غضب تركيا واقناعها بأن المساعدات العسكرية للاكراد ستتوقف وستكون في اضيق نطاق … الا ان تركيا اصرت على طرد الاكراد من منبج حيث يعسكرون هناك بصحبة جنود امريكان يقومون بحمايتهم.
تركيا اقترحت على امريكا انتشارا مشتركا في سوريا بين جنود اتراك وامريكان لتقريب المواقف التركية الامريكية مؤكدة انها بانتظار مواقف امريكا الجديدة ازاء الاكراد وازاء جماعة فتح الله غولن التي يناصبها الاتراك العداء بعد وعود الوزير الامريكي ..
التصريحات الامريكية حول العلاقات مع تركيا مطمئنة وتدعو للتفاؤل بالتحسن بل وباصلاح العلاقات الا ان تركيا ترفض الاطمئنان للوعود الامريكية مؤكدة انها تنتظر مواقف امريكية جديدة وخطوات على الارض والا فانها ترفض مجرد الوعود الامريكيين دون ان تخرج هذه الوعود الى حيز التطبيق …
جولة الوزير الامريكي تزامنت مع معلومات غير معلنة عن مصرع ٣٠٠ روسي في منطقة دير الزور شاركوا في هجوم مع ميليشيات ايرانية وسورية على قوات سوريا الديمقراطية في البلدة التي حررها الاكراد من تنظيم داعش الارهابي الا ان قوات التحالف الدولي تصدت لهذا الهجوم بالطيران ما ادى الى مقتل المئات من السوريين والايرانيين والروس رغم نفي روسيا مصرع اي من مواطنيها …
التصريحات التي نقلتها وكالات الانباء عن اطباء روس شاركوا في علاج المصابين تؤكد مصرع واصابة عدد من الروس الخاضعين لاحدى الشركات العاملة لصالح الكرملين في منطقة دير الزور ويؤكد الاطباء الروس ان المصابين الروس يعالجون في اربعة مستشفيات في روسيا رغم عدم اعلان السلطات الروسية ذلك للتخفيف من وقوع صدمة على الرأي العام من احتمال قيام صدام عسكري روسي امريكي في سوريا سيما وان امريكا تعتزم ابقاء قواتها في سوريا لحين التوصل الى سلام دائم للازمة السورية وفق بيان جنيف ١ وقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ بما يعني ذلك تنحية الاسد عن الرئاسة الأمر الذي يقلق روسيا التي تعتبر نفسها حامية لسوريا ولنظام الاسد …
الموقف التركي ليس حازما تجاه اصلاح العلاقات مع امريكا ما لم تعلن واشنطن عن مواقف جديدة بعدم تسليح الاكراد في سوريا سواء جماعة سوريا الديمقراطية التي تحتل الجزء الشمالي الشرقي من سوريا وتحديدا منطقة الجزيرة الغنية بالمياه والبترول والموارد الطبيعية والسهول بمعنى آخر « سوريا الغنية » او وحدات حماية الشعب الكردي في الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا الذي يحتله الاكراد وتمكن الاتراك من انتزاع منطقة عفرين من هذا الشريط الحدودي وتسعى أنقرة الآن الى انتزاع منطقة منبج وهي بانتظار الموقف الامريكي النهائي من المقترح التركي بهذا الصدد … !!!