الملك والحُكم الطاهر..


 

وليد حسني

 

يأبى الأدب الهاشمي أن تتحول داره ودياره الى سلطة يستبيحها موظفوه ليظلموا الناس ويمارسوا جبروتهم على المواطنين تحت مسميات شتى يأباها الأردنيون ولا يقبلون بها، وهذه حال هاشمية الدولة الأردنية بأخلاقياتها التي تتناغم داخلها أخلاقيات الأردنيين واخلاقيات الهاشميين.

 

بالأمس صدرت الإرادة الملكية السامية التي أبت إلا أن تتمسك بادبيات واخلاقيات المدرسة الأردنية الرفيعة قائلة إن إرادة ملكية صدرت بقبول استقالة معالي السيد عصام عبدالرؤوف الروابدة مستشار في الديوان الملكي الهاشمي "، ولم تقل "إقالة.." وشتان بين التعبيرين.

 

فيما تعلمته قديما درس يتناول لغة الخطاب وكيفية التفريق بين ما أسميه عنف اللفظ وعنف المعنى، وما أشرت إليه سابقا يأتي في سياق جدلية "عنف اللفظ وعنف المعنى" وتلك مسألة تحتاج لشرح قد يطول وفي زمان ومكان ليس هذا أوانهما وإنما هي جوامع الحديث تمسك ببعضها بعضا ولا ينفك أولها عن آخرها.

 

جاء قرار جلالة الملك بقبول استقالة الروابده ليزيح هما ثقيلا ران على قلوب الأردنيين الذي سيظلون ينظرون للديوان الملكي باعتباره بيتهم الجامع وحصنهم الحصين الذي يلوذون به ويتوقون بأعناقهم إليه، وقد ادت حادثة "سائق الحافلة والمستشار في الديوان الملكي إلى دق ناقوس الخطر بعد ان خيل للأردنيين أن بيتهم البهي أصبح عرضة للعبث، واستخدام السطوة في غير مكانها.

 

ولو لم تنته الأمور إلى ما انتهت إليه بالأمس من قبول استقالة المستشار لذهبت الأمور على غير ما يرغبه أحد، ولدب الشك في النفوس، ولأصبح الديوان الملكي نفسه هدفا مفتوحا للتشكيك والتنكيت والتبكيت، لكون الأردنيين لا يقبلون أبدا أن ياتي الظلم من بيتهم الذي يؤمنون به باعتباره آخر ما يمكنهم اللجوء اليه لحل مشاكلهم ومداواة جراحهم، وهذا ما أثبتته الأيام والحوادث طيلة العقود الماضية.

 

بالأمس انتصر الديوان الملكي للمواطن الأردني مرتين، حين التقى رئيس الديوان د. فايز الطراونه باطراف المشكلة وأصر على حلها في بيت الأردنيين، وحين صدرت الإرادة الملكية السامية بقبول استقالة المستشار الذي أثبت بيان مديرية الأمن العام أنه تقدم ببلاغ كاذب ضد مواطن.

 

وحتى تكتمل هذه الصورة التي يرسخ فيها الديوان الملكي دوره كحرم آمن للأردنيين فإن مدير الأمن العام يحتاج هو الآخر لقرار إقالته جراء ما اقترفه أيضا بحق المواطن، وبعد ذلك يجب على القضاء أن يأخذ مجراه في المساءلة بموجب القوانين المرعية.

 

إن الإرداة الملكية بقبول استقالة وليس إقالة المستشار في الديوان الملكي تؤكد لكل ذي لب إستمرارية الحكم الهاشمي في أدبه وفي انتصاره للمواطنين حتى وإن اختلف البعض مع سياساته إلا أنهم جميعا لا يختلفون عليه..

 

وتلك بعض من سمات الحكم الهاشمي الطاهر..//