انحيازات وانزياحات نقابة الصحفيين
وليد حسني
لم يأبه مجلس نقابة الصحفيين العتيد بالمخاطر التي يرتبها قرار وزير العدل باعتماد ثلاث صحف يومية فقط لكونها "الأوسع انتشارا " لنشر الإعلان القضائي فيها على حساب باقي الصحف الأخرى وعلى الزملاء الصحفيين وأمنهم الوظيفي والمعيشي.
بدا مجلس نقابة الصحفيين غير مكترث تماما لكارثة وشيكة ستطارد عشرات الزملاء الصحفيين الذين سيجدون أنفسهم في صفوف العاطلين عن العمل، أو المعطلين عن العمل جراء موقف مجلس النقابة المنحاز لثلاث صحف بعينها دون أن يبدي أي اكتراث بباقي الصحف الأخرى.
هذا الإنحياز الفجائعي من قيادة مجلس الإصلاح الذي يخالف منطوق قانون نقابة الصحفيين تقاطع تماما مع انحياز وزير العدل لتلك الصحف التي قدمها مجلس الإصلاح الصحفي للحكومة تاركا باقي الصحف والمؤسسات الإعلامية الأخرى بمن فيها تقتعد دكة الإنتظار للتساؤل عن الخطة التآمرية المقبلة لمجلس النقابة الذي رفع ذات خديعة انتخابية شعار الإصلاح.
هل يدرك مجلس قيادة نقابة الصحفيين أن قرار وزير العدل بحصر الإعلان القضائي بثلاث صحف فقط يخالف منطوق الدستور ،ومنطوق قوانين اخرى من بينها قانون المنافسة، وقانون منع الإحتكار، فضلا عن المخالفة القانونية التي اقرها مجلس النواب بحصر الإعلان القضائي في صحيفتين يوميتين الأوسع انتشارا.
من الواضح تماما ان التشريع في الأردن أصبح لعبة تتقنها الحكومة ويتقنها مجلس النواب، فبدلا من التشريع للوطن بكامله أصبح التشريع يختص بشخص أو يختص بفئة فقط، وليس أدل على ذلك ما تم بالأمس حين الغى مجلس النواب تعديلا للجنة التربية على قانون الجامعات الأردنية وضعه نواب مستفيدون خدمة لأغراضهم وطموحاتهم الشخصية فقط.
ولن ازيد كثيرا في تفاصيل ذلك ولكن يكفيني الطلب من النقابة أولا ومن الحكومة ثانيا باعتماد مسطرة "الأوسع انتشارا " لتطبيقها على باقي الشركات والمؤسسات الخاصة في المملكة مثل البنوك، كأن يصدر البنك المركزي او الحكومة قرارا تعلن فيه انها لا تعترف إلا ببنكين او ثلاثة أوسع انتشارا، أو أن تقول إنها لا تعترف إلا بشركتي ألبان فقط باعتبارهما الأوسع انتشارا، أو أن تقول بالقانون إنها لا تعترف إلا بمزرعتي دجاج وفقاستي كتاكيت فقط باعتبارهما الأوسع انتشارا..الخ.
هل هذا هو منطوق القانون والتشريع ومنطوق الدولة، أم أن في الأمر سلاسل طويلة من الترهات التي أصبحت تحكم التشريعات فتلوي أعناقها، وتطوي أهدافها خدمة لفلان او فلان دون النظر الى مصالح الدولة والمواطن، والإختباء خلف جلالة الملك إذ قيل أن هذا القانون أمر به الملك، وأنا أنزه الملك عن ان يكون أراد من ذلك الإضرار بأحد، هذا إن صدق من قال إن الملك هو من أراد حصر الإعلان القضائي في صحيفتين يوميتين الأوسع انتشارا .
هنا يبرز الدور السامي الذي تنطح له مجلس نقابة الصحفيين الذي لم يحرك ساكنا إلا باتجاه اعتماد خطايا التشريع والدفع بكل ما اوتي ذاك المجلس العتيد من قوة لتحقيق انحيازاته وانزياحاته خدمة لمؤسسة دون أخرى.
وهل هذا هو المجلس الإصلاحي الذي انتخبناه ليكون الأحرص على خدمة العمل الإعلامي والزملاء الصحفيين أم أنه مجلس لا علاقة لنا به، ولم يولد من رحم تشوقنا لمجلس يضم خيرة الزملاء حتى إذا تكشَّف الماء وبلغ السيل الزبى فإذا به مجرد نفخة هواء في الريح لم تحرك ساكنا، ولم تحي أملا.
هنا لا بد لي من الإشارة الى أن ما اعتمدته الحكومة بالتعاون المطلق مع مجلس النقابة العتيد من الصحف الزميلة الثلاث لا يقلقنا أبدا بل وندعمه بقوة، لكن أن يتم اعتماد مسطرة شوهاء وضعت قبل 10 سنوات فهذا عين الجهالة العمياء الكليلة عن رؤية كيف تطور الكون في عشر سنوات، وهنا أسأل الزملاء في مجلس نقابة الصحفيين إلى اي مدى تطورت مدارككم في السنوات العشر المتقضيات، وهل تسمحون لي بالحكم عليكم بناء على ما كنتم عليه سنة 2007 ؟ وهل أسمح لكم أنا أيضا بالحكم عليَّ على ما كنت عليه في تلك السنة؟.
من المؤكد أن الزملاء أصحاب المقامات الرفيعة لن يسمحوا بذلك وكذلك أنا، وهذا ما أرتجيه من سؤالي وهو دعوتي للمجلس بكامل كفاءاته الراسخة العودة للنظر من ثقب بالون الإختبار الذي حشرتم أنفسكم داخله فلا ندري من نمسك منكم ولا أدري من نترك؟؟.
منذ صدور قرار وزير العدل لم يرفع احد من أصحاب المقامات الرفيعة هاتفه ليتصل بأحد من الزملاء الصحفيين المتضررين، ولم يسأل أحد منهم أية مؤسسة إعلامية إن كانت بحاجة للمسة حريرية ناعمة من كف عضو في مجلس النقابة لا تنتصب قامته إلا إن كان انتصابه خدمة لصحيفة على أخرى، ولصحفي على حساب آخر..
وهذه بالتاكيد ليست من الف باء العمل النقابي، وليست من اخلاقيات التنطح للعمل العام ولتمثيل الناس وليس التمثيل عليهم..
وفجيعتي أكبر من كل هذا بكثير..//