شراء المهانة من سوق النخاسة
بلال العبويني
لا يمكن وصف مجموعة المعارضة السورية التي رفضت أمس وبشكل مفاجئ المشاركة في مؤتمر سوتشي بروسيا احتجاجا على رفع العلم السوري، إلا أنها أعلى درجات الخيانة والنذالة والعمالة، التي لا يمكن أن يقترفها إلا رخيص باع نفسه في سوق البغاء والنخاسة.
هذه المجموعة، كانت عدم المشاركة تدور في خلدها من ذي قبل، وليس صحيحا أنها تفاجأت بعلم الجمهورية السورية، ذلك أنها وغيرها لم يكن ليعتقد أن يُرفع علم غير العلم السوري في المؤتمر، هذا من جانب.
ومن جانب آخر، لا يشكل العلم قضية مركزية في هذه المرحلة بالذات، التي يتم الحديث فيها عن دستور جديد أو عن تطوير الدستور القائم ذلك أن العلم سيكون تحصيلًا حاصلًا في مرحلة لاحقة إن وصل الأطراف السوريون إلى اتفاق سياسي ينهي الأزمة من جذورها.
المعارضون، وهم مأجورون بكل حال، سلموا مهامهم للوفد التركي ليمثلهم في المؤتمر، وهذا دليل قاطع على مأجوريتهم للتركي، إذ كيف لوطني أن يسمح لأجنبي أن يفاوض عنه في مؤتمر يخصه ويخص مستقبل بلده وأبناء وطنه.
الدور التركي في سوريا منذ بدء الأزمة كان مشبوهًا، وإن كان الأتراك قد اندمجوا في المشروع الروسي بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية والعقوبات الروسية التي تبعت ذلك، إلا أن الدور الباطني مازال ماثلًا للأتراك والطموح في نفوذ داخل الأراضي السورية ما زال ماثلًا أيضًا وتعبر عنه عملية عفرين بشكل واضح جدًا.
الهدف التركي المعلن في عفرين هو تدمير البنية التحتية لقوات الحماية الكردية، غير أن ما وراء عفرين يؤشر رغبة تركيا في إنشاء وجود طويل لها هناك عبر منطقة عازلة بعمق إستراتيجي مساحته ثلاثين كيلو مترًا مربعًا.
وبالتالي، فإن قرار بعض المعارضين السوريين عدم المشاركة في سوتشي ومغادرة موسكو باتجاه أنقرة وتسليم الوفد التركي مهام المعارضة السورية في المؤتمر يؤشر إلى التنسيق بين الأتراك والمعارضين السوريين الموالين لها، وذلك من أجل ترك مساحة للأتراك لتثبيت قدم راسخة في المؤتمر للمطالبة بالمنطقة العازلة التي حددت مكانها ومساحتها.
العلم، قضية هامشية، وهي وإن كانت كذلك إلا أنه من المعيب على معارض أن ينسحب من مؤتمر من شأنه أن يكون القاعدة الأساسية لاستقرار سوريا لاحقًا من أجل ذلك السبب، بل إنه من المعيب أن يحتج معارض على علم بلاده الذي قاتل تحت رايته الجيش السوري حروب عدة.
الكثير من المعارضين السوريين، وربما أغلبهم، يثبتون كل يوم أن أجندتهم ليست وطنية، وأنهم باعوا أنفسهم ووطنهم للأجنبي منذ بدايات الأزمة السورية وبثمن بخس.
على العموم، الوجود التركي في سوريا، سواء أكان في عفرين أوفي إدلب، يمثل احتلالًا وتعديًا على السيادة الوطنية للجمهورية السورية، وعلى الحكومة السورية أن تعمل من أجل إنهاء هذا الاحتلال كما أنهت احتلال الجماعات الإرهابية لأراضٍ سورية من قبل.