أوسلو لم يمت قبل شهرين
بلال العبويني
فيما يقول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون وسيطا لرعاية السلام مع الإسرائيليين، يقول المستشار الدبلوماسي للرئاسة الفلسطينية مجدي الخالدي إنه لا يمكن طرح مبادرات سلام من أي أحد قبل أن تقتنع واشنطن أن دورها قد انتهى.
الخالدي، قال ذلك في معرض نفيه وجود مبادرة فرنسية للسلام، على ما نقلت صحيفة "الحياة" اللندنية عن مسؤول أوروبي وصفته بـ "البارز" قوله: إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أرسل مبعوثا خاصا إلى رام الله حاملا رسالة لعباس تقول إن لدى فرنسا خطة بديلة للسلام في حال لم تعجب الفلسطينيين خطة ترامب.
وهذا ما يطرح سؤالا مفاده، هل تنتظر السلطة الفلسطينية قرارا حاسما من الإدارة الأمريكية تعلن فيها تخلي واشنطن رسميا عن رعاية عملية السلام؟.
الولايات المتحدة لا يمكن أن تقدم على مثل هكذا قرار، بل على العكس من ذلك هي مصرة على أنها متمسكة برعاية السلام، والدليل ما تعمل عليه من خطط جديدة تسعى لفرضها على الفلسطينيين بانتاج أمر واقع جديد بتخفيض دعم الأونروا وتخفيض المساعدات للسلطة وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن وغير ذلك من قرارات مُتخذة أو ستتخذ لاحقا، تصب في خانة الضغط.
ثم، ما أهمية ذلك في الوقت الذي يعلن فيه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن اتفاق أوسلو مات؟. فما دام الاتفاق الذي أنتج السلطة الفلسطينية قد مات من وجهة نظر أبو مازن فما الداعي لراع جديد لعملية السلام، فهذا الراعي أو الوسيط ماذا سيكون دوره؛ هل انتاج اتفاق جديد أم إعادة إحياء ما جاء به اتفاق أوسلو ؟.
في الحقيقة، اتفاق أوسلو مات منذ زمن بعيد، ولم يتبق منه سوى التنسيق الأمني مع حكومة الاحتلال، وهو ما يصب في مصلحة الاحتلال ذاته عندما يكون التنسيق يسير في اتجاه واحد، أي تقديم المعلومات من السلطة للاحتلال لا العكس.
اتفاق أوسلو مات منذ أن توسعت حكومة الاحتلال في بناء المستوطنات في الضفة الغربية وعلى الأراضي التي من المفترض أنها الأراضي التي ستقوم عليها الدولة الفلسطينية وهي الواقعة ضمن حدود الرابع من حزيران عام 1967.
اتفاق أوسلو مات منذ أن ازداد الحفر تحت الأقصى، ومنذ أن توسعت سلطات الاحتلال في تهويد القدس وعلى الأخص المدينة القديمة فيها.
بالتالي، فإنه ليس مهما إن كانت فرنسا قد قدمت خطة بديلة للسلام أم لم تقدم، لأن المهم هو أن تعرف السلطة الفلسطينية ما الذي تريده خلال الفترة المقبلة، وإلى أين ستصل؟، فإن استطاعت الاجابة على ذلك يمكن الحديث بعد ذلك عن الوسيط الجديد لرعاية السلام، سواء باتفاق جديد، وهذا مستحيل طبعا، أو بإعادة إحياء اتفاق أوسلو على النحو الذي جاء عليه العام 1993.
على العموم، باريس ليست بديلا عن واشنطن، ولا يمكن أن تكون كذلك، بل لدينا قناعة أنه ليس بمقدور دولة منفردة أن تكون بديلا عن الوسيط الأمريكي، وإن كان هناك جدية في راع غير الأمريكي يجب التوجه إلى الاتحاد الأوروبي فليس هناك من هو قادر على ممارسة هذا الدور غيره.
لكن قبل ذلك، على الفلسطينيين أن يحددوا بالضبط ما الذي يريدون، وإلى أين يريدون الوصول.//