فانتازيا وطنية
فانتازيا وطنية
د. عبد المهدي القطامين
بتأخر الراتب يوما واحدا تفقدت ارجاء المنزل ، كان الصابون قد انتهى ومثله معجون الاسنان والدجاج اختفى من الثلاجة ومثله الرز والسكر ومواد تموينية اخرى فجأة لمعت بخاطري فكرة ....يوم واحد تاخر الراتب وحصل ما حصل ترى ماذا نقول لمن عاشوا هذه الحالة في اقطار عربية قضم الربيع العربي حاضرها واكل فيها الاخضر واليابس ، ماذا وكيف يعيشون وماذا يصنعون امام نظرات اطفالهم التي تطلب الخبز فلا تجده .
الذين يلوحون هنا وهناك عن سوء حالة الوطن وعن تردي اوضاعه وعن ارتفاع اسعاره وعن وعن وعن عليهم التوقف قليلا ، فلا بأس بالتذمر ولكن قبل ذلك علينا ان نتذكر جيدا اننا نعيش في وطن كان قدره ان تظل النيران تندلع على كافة اطرافه تلتهم اثوابه لكنها لا تلامس الجسد والروح نتحدث هنا عن وطن يسافر فيه الراكب من الدرة للطرة لا يخشى سوى الذئب على غنمه وحين يوقفه الشرطي اذا كان مسرعا فانه ينهر الشرطي ويتأفف وكأنه اي الشرطي اراد به شرا .
نتحدث عن وطن لا عن شركة ان تعثرت قليلا خرجنا للشارع نطالب بحقنا نتحدث عن وطن حمل احلامنا الينا وحملنا احلامنا اليه ولجأنا اليه كلما ضاق الصدر ومعه المعيشة نتحدث عن وطن حاصر الكثيرون احلامه وطلب منه الركوع منذ اعلانه دولة مستقلة حتى يومنا هذا لكنه بأنف وعزة كان يرفض وكنا معه نرفض ، توحدنا فيه وقلنا المنية ولا الدنية .
هل الدنيا قمر وربيع اجزم انها لا ، فسماء الوطن ملبدة بغيوم الضيق وظلم ذوي القربى يبدو بوضوح في مفاصل الدولة والعيشة اصبحت اكثر ضنكا واقل فرحا لكنها ابدا لن تدفعنا ولو لطرفة عين لنلعن الوطن ونعلن منه براءتنا وهنا استذكر مقولة الشاعر العراقي الكبير السياب ذات مساء حين الم به المرض وكان في مستشفى المواساة في الكويت فصرخ قائلا
الشمس اجمل في بلادي من سواها .... حتى الظلام ... حتى الظلام هناك اجمل فهو يحتضن العراق ...اني لآعجب كيف يمكن ان يخون الخائنون .... ايخون انسان بلاده .... ان خان معنى ان يكون فكيف يمكن ان يكون ؟؟؟؟
وهنا اردد ما قال السياب نعم الشمس اجمل في بلادي من سواها حتى الجوع فيه اجمل من سواه حتى الموت فيه اجمل من سواه حتى القبر فيه اجمل من سواه// .