الانتخابات في العراق ... !!!

  فارس شرعان

 


 

يطفو الحديث عن الانتخابات على المشهد السياسي في العراق فيما يحتدم الجدل بين القوى السياسية ومختلف المكونات حول اجراء الانتخابات في الموعد الذي حددته الحكومة في الثاني عشر من شهر مايو آيار المقبل او ارجائها الى وقت لاحق في ضوء الظروف التي يمر العراق بها حاليا.

الاحزاب والقوى السياسية بانتظار الانتخابات بفارغ الصبر باعتبار ان الديمقراطية هي الوسيلة الوحيدة لعلاج المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد كما انها الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الوحدة الوطنية في بلد تعصف فيه الخلافات الطائفية والمذهبية ويخضع لاملاءات خارجية في غالب الاحوال ...

المكون الشيعي يطالب باجراء الانتخابات في موعدها مايو المقبل وعدم تأجيلها ويرى المراقبون ان ايران تقف وراء هذا المطلب لأن ارجاء الانتخابات لا يعيق مصالحها واهدافها في العراق المتمثل بنجاح ممثليها من السياسيين العراقيين وخاصة رعاة الحشد الشعبي رغم ان الحشد الشعبي لن يشارك في الانتخابات باعتباره جزءا من الهيئة العسكرية في العراق، كما يطمع هذا المكون الى انجاز الانتخابات بأسرع وقت ممكن لأن ارجاءها قد يحول دون خسارة مرشحيه في هذا الاستحقاق الدستوري علما بان اقطاب هذا المكون يتنافسون في هذه الانتخابات للفوز بمنصب رئيس الوزراء وابرزهم حيدر العبادي رئيس الوزراء الحالي ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي يتوق للعودة للسلطة بعد ان ارغم على مغادرتها في ضوء الفساد والتمييز بين مكونات الشعب العراقي وخاصة ضد السنة.

المكون السني بدوره يطالب بارجاء الانتخابات بدعوى عدم جاهزية البلاد لاجرائها وعدم امكانية السنة على المشاركة في الاقتراع حيث هناك مليونان وربع المليون من العراقيين السنة لا يزالون نازحين في المناطق العراقية الشمالية ولم يعودوا الى مدنهم وقراهم التي هجروا منها خلال الحرب على تنظيم داعش الارهابي لا سيما وان هؤلاء يعانون من ظروف معيشية قاسية وغالبيتهم يتضورون جوعا في مخيمات النازحين التي ضاقت بقاطنيها من النازحين وتفتقر للعديد من مقومات الحياة الحرة الكريمة وينقصها الماء والغذاء والغطاء وخدمات النظافة كما يحرم قاطنوها من خدمة التعليم والمرافق الصحية...

ويرى قادة السنة انه بدون عودة النازحين الى مدنهم وقراهم في المحافظات السنية التي كانت مسرحا للحرب على تنظيم داعش وخاصة محافظات نينوى وصلاح الدين وديالي والانبار علما بان عودة النازحين من ابناء هذه المحافظات يتطلب اعادة اعمارها في ضوء الاضرار الكبيرة التي لحقت بها بحيث تحول بعض مدنها وقراها الى اكوام من الرماد ورغم مرور اعوام على تحرير بعض هذه المحافظات وخاصة ديالي والانبار وصلاح الدين الا انها لم تشهد اي عمليات اعمار او اعادة او اصلاح او ترميم بعض المباني في ضوء عدم توفر التمويل اللازم لتنفيذ مثل هذه العمليات ...

ويرى بعض المراقبين ان مطالب السنة بارجاء الانتخابات نظرا لوجود اكثر من مليوني نازح بعيدا عن مدنهم وقراهم وعدم اعمار المحافظات السنية التي تضررت كثيرا من حرب تنظيم داعش هي مطالب محقه ما يحول دون تمكين هؤلاء من ممارسة حقهم الانتخابي ...

كما يرى مراقبون ان ايران تقف ضد تشكيل تحالف بين المرجع الشيعي مقتضى الصدر ورئيس الوزراء حيدر العبادي الأمر الذي يتطلب انجاز الانتخابات باسرع وقت ممكن قبل ان تتمكن طهران من عرقلة تشكيل مثل هذا التحالف ...

اما المكون الكردي فلا يزال يعيش تحت صدمة فشل الاستفتاء الذي جرى في الخامس والعشرين من شهر سبتمبر ايلول الماضي لاستقلال كردستان العراق ودول الاقليم به للحيلولة دون قيام دولة كردية بجوار تركيا وايران ... ورغم رغبة الاكراد بالاستقلال الا ان غموض علاقتهم مع بغداد يحول حتى الآن دون حماسهم للمشاركة في الانتخابات ...

وبانتظار ان يتخذ قرار بارجاء الانتخابات في موعدها او ارجائها فان العراق يشهد المزيد من الجدل والنقاش المحتدم حول الانتخابات ... !!!