تركيا تواصل هجومها على جيب عفرين الكردي في سوريا

 

دخلت قوات تركية برية امس الاراضي السورية مستهدفة منطقة عفرين الكردية المتاخمة للحدود التركية شمالا في اليوم الثاني لهجوم واسع تخلله قصف مدفعي للمدينة لطرد فصائل كردية تعتبرها أنقرة "ارهابية".

وندد الرئيس بشار الأسد الأحد بالهجوم التركي الذي قال انه امتداد لسياسة أنقرة في دعم "التنظيمات الارهابية" منذ اندلاع النزاع في 2011.

وقال الأسد خلال استقباله وفداً إيرانياً برئاسة رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية كمال خرازي، وفق تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية سانا "العدوان التركي الغاشم على مدينة عفرين السورية لا يمكن فصله عن السياسة التي انتهجها النظام التركي منذ اليوم الأول للأزمة في سوريا والتي بنيت أساساً على دعم الارهاب والتنظيمات الارهابية على اختلاف تسمياتها".

وبدأ الجيش التركي السبت عملية عسكرية على عفرين تحت مسمى "غصن الزيتون" لطرد وحدات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على المنطقة، وهي فصائل كردية تعتبرها انقرة "ارهابية" لكن الولايات المتحدة تدعمها عسكريا بصفتها رأس حربة في المعارك ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

بالتالي قد يضاعف الهجوم التوتر في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، حليفتها في الاطلسي، فيما يحتاج في المقابل الى موافقة روسيا، أقله ضمنيا، لتحقيق أهدافه.

وأكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان امام انصاره في محافظة بورصة شمال غرب تركيا الاحد "باذن الله ستنتهي هذه العملية خلال وقت قريب جدا".

من جهته، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم دخول قوات تركية إلى المنطقة في الساعة 11,05 (08,05 ت غ) انطلاقا من بلدة غول بابا الحدودية، على ما نقلت وكالة دوغان للانباء، في اول اعلان رسمي لبدء مشاركة القوات البرية في العملية على الاراضي السورية.

واصابت المدفعية والطائرات التركية حتى الساعة 153 هدفا بالاجمال تابعة للفصيل الكردي في محيط عفرين وتشمل ملاذات ومخازن اسلحة، على ما اعلن الجيش التركي.

وافادت وكالة انباء الاناضول الرسمية عن تقدم القوات التركية التي لم تحدد عديدها إلى جانب قوات من الجيش السوري الحر الذي تدعمه أنقرة وتوغلها خمسة كيلومترات داخل سوريا.

وشاهد مراسل وكالة فرانس برس على الاطراف الجنوبية الغربية لمنطقة عفرين طائرة حربية تقصف الشطر الغربي للمنطقة في وقت مبكر صباح الاحد.

واقامت وحدة صغيرة من الجيش السوري الحر نقطة مراقبة في أعلى تلة تشرف على عدد من القرى التي تنتشر فيها القوات الكردية.

في المقابل، اعلن رئيس بلدية مدينة الريحانية التركية المجاورة للحدود مع سوريا، ان قصفا من الاراضي السورية استهدف المدينة ما ادى الى مقتل شخص وإصابة 32 بجروح.

وسارع وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو الى اتهام وحدات حماية الشعب الكردية بالوقوف وراء هذا القصف.

ويأتي هذا القصف بعدما سقطت قذائف عدة ليل السبت الاحد في مدينة كيليس التركية شرق الحدود مع سوريا ما ادى الى اصابة شخص بجروح طفيفة.

- منطقة امنية -

وهذا الهجوم هو التوغل التركي الثاني الكبير في سوريا اثناء النزاع المستمر منذ سبع سنوات، بعد عملية "درع الفرات" بين اب/اغسطس 2016 واذار/مارس 2017 في منطقة تقع شرق عفرين واستهدفت وحدات حماية الشعب وتنظيم الدولة الاسلامية.

كما اكد الجيش التركي استهداف التنظيم الجهادي المتطرف، رغم انه لم يعد موجودا في منطقة عفرين.

وكرر اردوغان التهديد بتدمير "اوكار الارهاب" في إشارة الى وحدات حماية الشعب في سوريا، فيما تتهم أنقره الفصيل بانه الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا على السلطات التركية في جنوب شرق البلاد منذ نحو ثلاثين عاما، وتصنفه تركيا والدول الغربية تنظيما ارهابيا.

وكشف يلديريم لوكالة دوغان ان القوات التركية تسعى الى انشاء منطقة أمنية تمتد حوالى 30 كلم داخل سوريا.

وقتل عشرة أشخاص بينهم سبعة مدنيين السبت جراء القصف التركي على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية، وفق ما أفاد متحدث كردي لوكالة فرانس برس. لكن الجيش التركي الذي اعلن سقوط ضحايا أصر على انهم جميعا من وحدات حماية الشعب او حزب العمال الكردستاني (التركي).

وأفاد متحدث باسم الفصيل الكردي ان القوات التركية حاولت دخول عفرين "لكننا تصدينا للهجوم".

- ضوء أخضر من الروس؟ -

تجازف تركيا بادخال نفسها في حقل الغام دبلوماسي بعمليتها في سوريا، وسارعت خارجيتها الى دعوة سفراء القوى الكبرى لابلاغهم بالهجوم.

واكدت الخارجية السبت انها ابلغت دمشق بالهجوم عبر قنصليتها في اسطنبول. الا ان السلطات السورية نفت تبلغها بالهجوم التركي، ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية قوله "تنفي سوريا جملة وتفصيلاً ادعاءات النظام التركي بابلاغها بهذه العملية العسكرية التي هي جزء من مسلسل الاكاذيب التي اعتدنا عليها من النظام التركي".

وفي باريس، حضت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي الاحد تركيا على انهاء العملية، معتبرة عبر قناة "فرانس 3" إن "هذه المعارك يجب ان تتوقف"، لأنها قد تدفع بـ"القوات المقاتلة الكردية المنخرطة بزخم إلى جانب التحالف الذي تنتمي إليه فرنسا، بعيدا عن المعركة الاساسية" ضد الإرهاب وتنظيم الدولة الاسلامية المتطرف.

ولم يصدر تعليق مباشر من واشنطن على الهجوم لكن مسؤولا كبيرا في الخارجية الاميركية صرح الجمعة "لا نعتقد ان عملية عسكرية (...) تصب في مصلحة الاستقرار الاقليمي واستقرار سوريا او تهدئة مخاوف تركيا على امن حدودها".

لكن النقطة الأهم تكمن في موقف روسيا الموجودة عسكريا في المنطقة والتي تتعاون مع تركيا من اجل انهاء الحرب.

ومع تسارع التطورات ميدانيا اعربت روسيا السبت عن "القلق" ودعت الى "ضبط النفس". واعلنت وزارة الدفاع الروسية السبت ان العسكريين الروس المنتشرين في منطقة عفرين قد اخلوا مواقعهم "تجنبا لاستفزازات محتملة" قد يتعرضون لها.

وصرح الباحث في مجلس الشؤون الدولية الروسي في انقرة تيمور احمدوف لوكالة فرانس برس ان روسيا على ما يبدو اعطت "الضوء الاخضر" للعملية شرط الا تؤدي الى زعزعة الاستقرار في اي موقع آخر.

واضاف "لا اعتقد ان روسيا ستقبل باحتلال تركيا الكامل لمنطقة عفرين، فهي تصر على السيادة التامة ".

شرح الصورة

المدفعية التركية في موقع قرب حاس في هاتاي التركية تقصف اهدافا تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية عبر الحدود السورية