ترامب يحمل الديمقراطيين مسؤولية وقف عمل الحكومة.

الشلل عنوان الحياة في الولايات المتحدة الامريكية .

إغلاق الحكومة الأمريكية ...

عواصم - وكالات- الانباط– مامون العمري

بينما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يعد العدة للاحتفال بالذكرى الأولى لتوليه منصب الرئيس، السبت 20 كانون الثاني، وسط أصدقائه وعائلته في منتجع مار الاجو بفلوريدا، جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ اضطر للبقاء في واشنطن إثر فشله في الحيلولة دون وقف أو إغلاق أنشطة حكومته.

إخفاق ترامب في الحصول على موافقة الكونغرس على خطة الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة لبلاده أحدث حالة من الارتباك لدى إدارته خشية تكرار سيناريو الإغلاق 2013، مما دفعه إلى البحث عن بديل، فكان الدفع بالكونغرس من أجل إقرار مشروع قانون مؤقت للحفاظ على تمويل الحكومة الاتحادية، لكنه فشل مرة ثانية

وقد بدأت الحكومة الأمريكية إغلاقا فيدراليا بعد فشل مجلس الشيوخ في الموافقة على الميزانية الجديدة ،ولم تتضح بعد الطريقة التي سيمضي إليها التصويت بعد حلول الموعد النهائي منتصف الليل، في ظل انقسام الجمهوريين والديمقراطيين بشأن عدد من القضايا الرئيسية.

ويعني ذلك ان العديد من المكاتب والهيئات الفيدرالية ستجمد عملها حتى يصوت الكونغرس على ميزانية جديدة باتفاق بين الحزبين.

وعلى الرغم من اجتماعات اللحظة الأخيرة بين الحزبين الكبيرين، لم يحظ مشروع تمويل الحكومة حتى 16 شباط الجاري على الأصوات الستين المطلوبة لإقرار الميزانية.

وحدث آخر إغلاق للحكومة الأمريكية عام 2013، واستمر 16 يوما.

وصوت أعضاء مجلس النواب،بأغلبية 230 مقابل 197 صوتا مساء الخميس، لتمديد تمويل الحكومة حتى الشهر المقبل، لكنهم فشلوا في الحصول على إقرار مجلس الشيوخ.

وفي حالة استمرار الإغلاق، سيواصل عديد من الخدمات الحيوية عملها، منها هيئات الأمن القومي، والبريد، ومراقبة الحركة الجوية، والخدمات الطبية للمرضى الداخليين، وطب الطوارئ، والمساعدة في حالات الكوارث، والسجون، والضرائب، وتوليد الكهرباء.

ويتوقع أن تغلق المتنزهات الوطنية والمواقع الأثرية، وهي التي أثارت غضبا شعبيا كبيرا خلال الإغلاق الماضي.

وفي الساعات الأخيرة قبل التصويت، بدا الرئيس الأمريكي متشائما، وقال في حسابه على تويتر إن الأمر "لا يبدو جيدا لجيشنا العظيم أو سلامتنا وأمننا على الحدود الجنوبية الخطيرة للغاية."

كان ترامب قد دعا الزعيم الديمقراطي، تشاك شومر، إلى البيت الابيض لإجراء محادثات أخيرة لكنهما فشلا في إيجاد أرضية مشتركة كافية.

 

قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن الشلل الجزئي الذي أصاب الإدارة الأمريكية لأول مرة منذ سبعة عشر عاما ليس منصفا للموظفين الحكوميين الذين طالما تعرضوا لضغوط البيئة السياسية.

وتعهد أوباما بالسعي إلى إقناع الكونغرس بضرورة استئناف أعمال الحكومة في أقرب وقت ممكن.

شلل المؤسسات وتسريح موظفين..

لا يمكن إقرار خطة الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية إلا إذا حصلت الحكومة على موافقة مجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ)، على تلك الخطة، فإذا ما فشلت في الحصول على تلك الموافقة، يحدث ما يسمى الإغلاق، فما معنى هذا الإغلاق؟ وما الذي يسفر عنه؟

يُشترط لكي تمر خطة الموازنة، أن يوافق المجلسان على كافة بنودها، ولكن إذا دخلا في نزاع واختلفا على بعض البنود، وتعطّل إقرار الخطة، يتم الإعلان عن أن هناك إغلاقا حكوميا سيقع في توقيت محدد.

هذا ما يحدث بالفعل حاليًا في الولايات المتحدة، فقد دخل الإغلاق الجزئي للإدارات الفيدرالية الأمريكية حيز التنفيذ السبت (20 كانون الثاني 2018) بعد فشل محاولة التوصل إلى تسوية حول الميزانية على الرغم من المفاوضات المكثفة بين الجمهوريين والديموقراطيين وتدخل الرئيس دونالد ترامب.

 

بوضوح أكثر، الإغلاق يعني وقف جميع الخدمات الحكومية التي يتم تمويلها من جانب الكونغرس، وحين يعجز الطرفان عن حل النزاع يتم وقف العمل بمؤسسات الدولة غير الحيوية وتسريح موظفي الحكومة بصفة مؤقتة، فيما تواصل المؤسسات الحيوية على الجانب الآخر أعمالها مثل الشرطة والدفاع المدني والوكالات الاستخباراتية والهيئات العسكرية، إلا في حال طالت فترة الإغلاق، فحينها تتوقف كافة مؤسسات الدولة عن العمل الرسمي.

ويبقى الإغلاق مفعلا إلى أن يتم تسوية النزاع على خطة الموازنة، وطبعًا يتأثر سير العمل داخل مؤسسات الدولة، كما يتأثر الاقتصاد سلبًا بذلك، وتكون الدولة غير ملزمة بدفع رواتب عن مدة الإغلاق.

 

وأما عن الإغلاق الحالي في أمريكا، فقد وقع لأنه لم يصوت العدد الكافي من المشرعين في مجلس الشيوخ، على مقترح قدمه الجمهوريون لتمديد التمويل لمدة أربعة أسابيع، ولكن أعضاء المجلس لا يزالون يواصلون محادثاتهم في مسعى للاتفاق مع الديمقراطيين على صيغة تضمن تمديد تمويل الحكومة الفيدرالية.

ويتبادل الديموقراطيون والجمهوريون الاتهامات بتحمل مسؤولية هذا الإغلاق. فقد اتهم البيت الأبيض السبت الديموقراطيين بجعل الأمريكيين "رهائن لمطالبهم غير المسؤولة" لهم بعد فشل المفاوضات في الكونغرس حول تسوية ميزانية ما أدى إلى إغلاق جزئي للإدارات للمرة الأولى منذ 2013.

وقالت ساره ساندرز المتحدثة باسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "هذا المساء، وضعوا (الديموقراطيون في مجلس الشيوخ) السياسة فوق أمننا الوطني". وأضافت "لن نتفاوض حول وضع المهاجرين غير الشرعيين بينما يجعل الديموقراطيون مواطنينا رهائن مطالبهم غير المسؤولة".

وسيدفع فشل المفاوضات بشأن الموازنة قرابة مليون موظف فيدرالي (غير أساسي) إلى البقاء في بيوتهم لمدة غير محددة من دون رواتب.

وأكد مدير الميزانية بالبيت الأبيض ميك مولفاني استمرار النقاشات في الكونغرس بشأن الميزانية وتوقع التوصل إلى اتفاق بحلول الاثنين.

وقال الرئيس دونالد ترامب مساء الجمعة إن المفاوضات الجارية لتجنب إغلاق الحكومة "تحرز تقدما". وكتب في تغريدة أن الاجتماع الذي عقده في البيت الأبيض مع زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر كان "ممتازا". وأكد تأييده تمديد تمويل الحكومة لأربعة أسابيع.

شومر قال من جانبه، في أعقاب الاجتماع إن هناك تقدما في المحادثات، لكنه أشار إلى وجود خلافات.

وتوقع مايك مولفاني مدير مكتب الإدارة والموازنة في إدارة ترامب، التوصل إلى اتفاق بحلول يوم الاثنين المقبل، عندما تفتح المكاتب الحكومية مكاتبها من جديد بعد عطلة نهاية الأسبوع.

بحلول منتصف ليل الجمعة توقفت المؤسسات الفدرالية الأميركية عن العمل في حال فشل مجلس الشيوخ بإقرار موازنة 2018، أو على الأقل تمرير قانون الإنفاق الذي وافق عليه مجلس النواب الخميس ويسمح بتمويل الحكومة لغاية 16 شباط المقبل.

وسيضطر جزء من الدوائر الحكومية إلى فرض إجازة على موظفيه غير الأساسيين لتعذر دفع الرواتب.

وستصاب قطاعات عامة كبيرة بالشلل في الولايات المتحدة وسيتوقف تمويل خدمات بأكملها من بينها النقل والمواصلات والخدمات العامة والحدائق والمنتزهات والمتاحف، فيما ستتعرض قطاعات حيوية أخرى إلى شلل جزئي.

وستضطر الحكومة الأميركية إلى تخفيض عدد موظفيها بشكل فوري إلى الحد الأدنى، باستثناء القوات المسلحة ووكالات الأمن القومي وأجهزة الشرطة والأمن الداخلي.

وفي عام 2013 حدث إغلاق عام أثر على نحو 850 ألف موظف، اضطروا للجلوس في منازلهم في عطلة إجبارية من دون تقاضي مرتب حتى إقرار الموازنة.

ويعتقد أن الرقم الذي سيتأثر إذا حدث إغلاق في هذا العام سيكون أكبر قليلا.

وقد تضطر بعض مكاتب الكونغرس للإغلاق وستبدأ المحاكم الاتحادية في إيقاف أعمالها مؤقتا إذا استمر الإغلاق لفترة أطول من 10 أيام.

ودعا الرئيس دونالد ترامب أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الديموقراطي إلى تمرير قانون تمويل الحكومة الذي أقره مجلس النواب الخميس لتجنب حصول إغلاق جزئي للمؤسسات الحكومية.

وهاجم ترامب الديموقراطيين قائلا إنهم "يرغبون ببقاء الحدود ضعيفة واستمرار الهجرة غير الشرعية"، متسائلا: "هل الإغلاق قادم؟".

وعلى الرغم من أن الجمهوريين يمتلكون أغلبية من 51 عضوا داخل مجلس الشيوخ إلا أن هناك حاجة إلى 60 صوتا لإقرار مشروع القانون الذي يعترض عليه الديموقراطيون.

وكان الرئيس ترامب حذر في وقت سابق من أن عدم إقرار الموازنة ستكون له نتائج كارثية على الجيش الأميركي، واتهم الديموقراطيين بعدم الاكتراث لذلك.

وجدير بالذكر ان هذا الإغلاق وقع في عهد عدد من الرؤساء الأمريكيين، وكان آخر إغلاق في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، حين أغلقت الحكومة تحت ولايته في الفترة من 1 إلى 16 تشرين اول  لعام 2013 إثر احتدام نزاع حول برنامج مشروع الرعاية الصحية المعروف باسم "أوباما كير".

 

القطاعات ومدى تأثرها بالاغلاق

السياحة

ستغلق المحميات الوطنية والمتاحف والمكتبات العامة وحدائق الحيوانات بينما سيسمر نظام إصدار جوازات السفر وكذلك تأشيرات الدخول للمسافرين لبضعة أيام. إغلاق الأماكن السياحية بسبب إجبار موظفيها على البقاء في إجازة سيؤثر سلباً على السياحة، ولكن مراقبين يقولون إن هذا التأثير سيكون محدوداً بسبب انتهاء فترة الأعياد حيث تكون السياحة في أوجها.

الوكالات الصحية

سيتم إغلاق المعاهد الوطنية للصحة، وستتوقف تلك المعاهد عن إجراء البحوث العلمية واستقبال المرضى لهذا الشأن، بينما تتابع المستشفيات التابعة لتلك المعاهد العناية بالمرضى المتواجدين فيها رغم خسارتها لنحو 77 بالمئة من موظّفيها. وسيتم كذلك إقفال أقسام من "إدارة الغداء والدواء" بينما ستتابع "المراكز الطبية الفيدرالية" المختصة بفحص الأمراض عملها ولكن بوتيرة أخف.

الضمان الاجتماعي

كما هو مدوّن في القانون الأميركي، أكدت إدارة الضمان الاجتماعي أن نظام الرعاية الاجتماعية سيستمر على الرغم من "إغلاق الحكومة". وذكرت الإدارة أيضاً أن موظفيها لن يكونوا قادرين على تقديم الخدمات اليومية بالشكل الكامل بسبب النقص في الطواقم.

المكاتب التنظيمية

المكتب المالي لحماية المستهلك ومكتب حماية البيئة سيتابعان عملهما بشكل عادي علماً أن 95 بالمئة من الموظفين العاملين في هذان المكتبين يعتبروا من الموظفين الثانويين.

البيت الأبيض

بحسب إدارة دونالد ترمب، إن أكثر من نصف الموظفين العاملين سيكونون مجبرين على أخذ إجازة غير مدفوعة الأجر ولن تنتهي إلا بعد توصل مجلس الشيوخ إلى توافق حول الموازنة.

 

الجيش والعدل

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن إغلاق الحكومة لن يؤثر بشكل مباشر على عمليات الجيش الأميركي في أفغانستان والعراق وسورية، فيما يعتبر العسكريون من الموظفين الأساسيين الذين لا يمكن الاستغناء عنهم. الشلل الحكومي سيؤدي في المقابل إلى تجميد العقود الجديدة في وزارة الدفاع وهو ما يزيد تكلفة الأسلحة ويخلق المزيد من الأزمات في الميزانية العسكرية. ويبلغ عدد العسكريين في الولايات المتحدة الأميركية نحو 1.3 مليون عسكري. أمّا بالنسبة إلى القضاء، فقال جايمس سي.داف، مدير مكتب المحاكم الأميركية "إن الجهاز القضائي لن يتوقف عن العمل" فيما من المتوقع أن يعود الموظفون إلى أعمالهم يوم الإثنين المقبل. ويضف سي.داف "الجهاز القضائي لديه ما يكفي من السيولة ليتابع عمله حتى التاسع من شباط/فبراير، وربما يكون مجلس الشيوخ قد أقر الميزانية قبل ذلك التاريخ".

"الضرر الاقتصادي الناتج عن إغلاق الحكومة الأخير"

الشلل الحكومي الأخير الذي أصاب الولايات المتحدة الأميركية كان في العام 2013 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، واستمر ستّة عشر يوماً. وقدّرت الخسائر المالية في ذلك الحين بأربعة وعشرين مليار دولار، بينما بلغ الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأميركية في تلك السنة 16 تريليون دولار.

 

الحكومة الأمريكية تسقط فريسة الإغلاق، ما الذي سيحدث في الخطوة التالية؟

نشر موقع قناة سي إن إن الأمريكية تقريرًا يتحدث فيه عن تداعيات الإغلاق الحكومي، الذي يشتهر في العرف السياسي الحكومي بمصطلح Governmental Shutdowm. وقد انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي هاشتاغ #trumpshutdown في تفاعل مع القضية التي تحدث لأول مرة منذ قرابة 5 سنوات.

ويحدث الإغلاق الحكومي عندما تنتهي فترة التصويت على طريقة تمويل نشاطات الحكومة الأمريكية، عبر قانون تمويلي خاص، دون التوصل إلى اتفاق.

وقد سعى الرئيس الأمريكي ترامب جاهدًا من أجل منع الإغلاق من خلال إقناع قادة الحزب الديمقراطي بالتوصل إلى اتفاق يجنب البلاد الإغلاق الحكومي.

ويعتبر الإغلاق شبحًا يواجه الحكومات الأمريكية نظرًا للتبعات السلبية التي تلحق بالعملية، مسببة الكثير من المشاكل الاقتصادية، والاجتماعية. وقد حدث الإغلاق الحكومي الأول في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية عام 1976. ومنذ ذلك الحين، حدث الإغلاق الحكومي 18 مرة.

وبعد ساعات من دخول الحكومة الأمريكية مرحلة الإغلاق، حمّل أعضاء الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، بعضهما البعض مسؤولية الوصول إلى هذه المرحلة، بينما ألقى آخرون اللوم في المقام الأول على دونالد ترامب.

فها هو جون يارموث الديمقراطي البارز والعضو في لجنة الموازنة بمجلس النواب، يتهم الرئيس الأمريكي في تصريحاته للصحفيين قائلاً:

"دونالد ترامب غير قادر على الخوض في هذا النوع من الأحاديث المعقدة بشأن القضايا"، وتابع: "ليست لديه مساحة الاهتمام للقيام بذلك، ليس لديه الاهتمام للقيام بذلك، كل ما يريد فعله هو إظهار أنه منخرط في العملية".

وفي المقابل حمّل ترامب النواب الديمقراطيين مسؤولية هذا الإخفاق، ففي تويتة له على حسابه الشخصي، أمس السبت، كتب يقول: "اهتمام الديمقراطيين بالمهاجرين غير الشرعيين أكبر من اهتمامهم بجيشنا العظيم والأمن على حدودنا الجنوبية الخطيرة"، مضيفًا "كان يمكنهم إبرام اتفاق بسهولة لكنهم قرروا اللجوء لسياسة الإغلاق بدلاً من ذلك".

من جانبها قالت ساره ساندرز المتحدثة باسم الرئيس الأمريكي تعليقًا على ما حدث: "هذا المساء، وضعوا (الديموقراطيون في مجلس الشيوخ) السياسة فوق أمننا الوطني"، مضيفة "لن نتفاوض بشأن وضع المهاجرين غير الشرعيين بينما يجعل الديمقراطيون مواطنينا رهائن مطالبهم غير المسؤولة".