"بخ أمل يا ولد"
"بخ أمل يا ولد"
بلال الذنيبات
في بحر طلائع السنةِ الغبراء ، خرج علينا إحد النواب "الكرام" ليطلب من معشر أرباب القلم أن يبخوا "آملاً" للشّباب المتخم بالوعود ، المتجرع لمرارات الواقع الطارد للأمل.
و ها أنا ذا أحملُ مبراتي و قلمي و أوراقي لخدمة تطلعات سعادة ذالك النائب إلا أنني عندما أسمع قرارات الرفع المتواصل و التي إتخذتها الحكومة و وعود توفير فرص الشغل البراقة أقفُ مكتوف الأيدي.
فماذا أقول عندما تتحدث مصادر خاصة لي عن ملايين تنفق على البذخ الإعلامي لما يسمى هيئة الاعلام المستقلة "فضائية المملكة" ، في حين ترفع أسعار الخبز و ما لف ملف الطحين إبتدائاً من البسكوت وصولاً الى سندويشات الفلافل و التي يلجأ لها العامل المسكين ليتناولها مع صحن حمص و تسقية "ستنفجر أسعارها" ليواصل المسكين عمله فهو يبدأ عمله من الساعة الخامسة و يمكن يمتد لبعد العاشرة ليلاً .. أحيانا لا يخرج العامل و قد أفطر لأنه يستعيض عن الفطور بالسندويشات و التي سترتفع ، و خاصة العمال الاردنيين و الذين قد يعملون في البلديات أو كعمال باطون أو ...الخ و هم من فئة الشّباب.
ماذا أقول و هناك مواطنون غير مشمولين بالتأمين الصحي سيعانون جراء إرتفاع الدواء قريباً فهم لم يجدوا عملاً يمنحهم تأمينا صحياً و للأسف فإن الرفعات ستطال أجور النقل العام.
فتختمر في مخيلتي طاقات مناوئة للأمل الذي يريدون مني بثه ، فكيف بالله عليكم معشر ارباب القلم بي أن أبث "أمل" و فرص العمل شحيحة و فرص الارتزاق حتى مع تحييد عوامل الثقافة "ثقافة العيب و العمل المكتبي" لدى الشّباب من الدكتور و نازل ، شحيحة و محصورة في عمان و اربد و الزرقاء و كأن الجنوب "أمه غاضبه عليه".
يخرج إبن القرية النائية الشّاب ليبحث عن عمل في الكرك فيجد أن واقع خدمات النقل العام تضعه أمام خيارين أن يقتني خيمة و يخيم في منطقة مخدومة ليعمل من الساعة السابعة او الثامنة الى السادسة او الخامسة مساءا أو أن يدفع أجارات لا تقل عن عشرة دنانير بأحسن الاحوال للتنقل من و الى منطقة سكنه النائية خاصة ما لم يكن هناك زملاء له يعملون بتلك المؤسسة او المحل او المنطقة.
في حين يجد الشاب الجامعي أن مؤسسات أخرى تعمل على تدوير فرص عملها و لا تخلق فرص جديدة فكيف إذاً تفسرون إعلانات الوظائف و فرص العمل "على أن يكون له خبره" في الصحف و المواقع!
وفي حين أن الحكومة لا زالت تعامل المواطن على دفتر العائلة و الدول المحترمة تعامل المواطن البالغ العاقل ككيان مستقل ، فنحن نمر بتغيرات إجتماعية عميقة لم تعد فيها أواصر العائلة فيها كما هي قبل و تحديد الشخص بدفتر عائلته أمرٌ ظالم بحق.
هناك شباب ينتمون لعوائل دخلها الأسمي بآلاف الدنانير في حين أن أولئك الشّباب دخلهم الفعلي ضعيف و هزيل نتيجة تفكك أسري ما ، فالمجتمع الاردني ليس ذالك المجتمع الذي يضم في كليته عائلة متحدة واقعياً نتيجة عوامل متعددة منها الطمع و الشجع و الحقد والضغينة ، و الدولة كبقية دول العالم يجب أن تتعامل مع كل مالك رقم وطني ككيان مستقل بعد بلوغه سن معينة لتكون طرفا محايدا.
ما علينا ، الأمل ليس كلمات يكتبها أو يقولها "صحفي أو إعلامي أو كاتب عاجي"
، بل برامج واقعية تعالج مشاكل جذرية في المجتمع.
فبالله عليكم ومنذ سنوات النسور و الان الملقي و نحن نتكلم عن نفق و سنرى النور في نهاية النفق المظلم فأين هذا النور و نحن نرى زيادة في الهيئات المستقلة و ما أدراك ما الهيئات المستقلة ، و مجالس محافظات ديكورية فاشله في فهم صلاحياتها حتى تطبقها فعلياً ، و نواب لجوجين يشبعوننا حديثاً و عند التصويت على الخازوق يهربون خلف ستار المقاطعة و آخرين يبيعوننا و يصوتون على تقعيدنا على الخازوق.
أشعر بالحسرة و أنا شّاب في المحل الأول و أنا بلغت من العمر أربعةٍ وعشرين عاماً و أنهيت متطلبات الحصول على شهادة ما أن يكون مستقبلي الشارع و القعدة "عند بيت الوالدة الله يسلمها" في حين أسمع و أرى مسئولينا يقولون لي أطلع إشتغل بالمهن أو اعمل مشروع صغير يدر رزق الك ، في حين لا تدريب و لا بيئة محفزة للعمل و بل طاردة و خدمات عامة زي أيام حرب البسوس.
و في الأخير بقولك بخ أمل ، كيف لنا هذا يا رعاكم الله علموني كي أبخ أمل ، هل تودون أن أكون كمثل لورنس في العرب كاذب متملق مدهلز! ، إعذروني لم أترب على ذالك.
و تبقى الحكومة تعتقد أن إنشاء مصنع سيحل المشكله ، يا جماعه المعادله بسيطة تقليل النفقات يكون بايقاف الهدر المالي الناتج عن الهيئات المستقلة و الرواتب و اللواحق الباريسية و زيادة الرواتب و الزام القطاع الخاص بالاجور المقرة فماذا حصل مع وزارة العمل في مكافحة تسليم المعلمات في بعض المدارس اجور اقل من 220 دينارا !! و لماذا يتم التعامل مع الصحافة كأنها جسم معادي من قبل البعض من المسؤولين.
و كذالك توفير فرص الشغل لا يكفيه إنشاء مشاغل و مصانع بل حماية الاستثمارات و عدم تطفيشها و نحن نعيش في الصحافة خوف و رعب الاغلاق ليلا و نهارا نتيجة تعديلات قانون التنفيذ القضائي الاخيرة و التي انتجت ضخ عاطلين عن العمل من صحيفة الديار قبل عدة شهور و مخاوف التجار على مصالحهم التجارية في بلدنا نتيجة انخفاض القوى الشرائية فالوضع يتطلب معالجات ، وعلينا جميعاً عمل ما بوسعنا للمواجهة مع مشاكلنا لإستئصالها.
و توفير فرص العمل بحاجة لتوفير خدمات عامة جيدة و لا يكفي فقط ذالك بل نحتاج لتدريب.
و في نهاية المطاف ، أؤكد أننا هنا نسلط الضوء على مشاكلنا للمعالجة و ليس فقط لتغلق عليها بالدرج ، نحن بحاجة لتحقيق "الأمل" لأبنائنا .. وكم هي كلمات الدكتور عمر الرزاز جميلة عندما حفز الشّباب ليذهبوا امس السبت بهمة لإمتحاناتهم الثانوية.
نحن نملك شبابا معطاء و طموحين فلا تقتلوا الطموح بالخطط الجامدة و لا تقتلوا الأمل بعدم دعم المبدعين و الإبداع و التحجج بقلة المال ، فالمال موجود و الا فكيف يقر تأسيس هيئة إعلام مستقلة بميزانية ضخمة من خزينة الدولة و أتمنى أن يكون لها إستثمارات لتكون على الاقل هيئة اعلامية ناجحة تصرف على ذاتها من ذاتها و تردف خزينتنا بالمال.
إن مشاكلنا جلها اقتصادية فركزوا على تحسين الوضع الاقتصادي و فقط فنحن لا نحب كثيراً السياسة و الثقافة ، فالمواطن ينتظر اخر الشهر لا ينتظر من رئيس الوزراء المقبل!
و يا شذى الوطن لا تنسي تغطيني بردان وفاقد للأمل أنا ... هيك بقول //..