"فُرسان الحق"
بلال الذنيبات
مثل إعلانُ نشامى مُخابراتنا الإسبوعَ الماضي عن إحباطهم لعمليةٍ إرهابية كُبرى كان خفافيش الظلام في أواخر سنة 2017 يريدون إقترافها محطَّ فخرٍ و إعتزازٍ وطنيٍ خالص لمثل هذه السواعد ، فتاريخ "مُخابراتنا" عظيم و حافل في الذود عن حياض الوطن و حمايةِ أمنه و إستقراره الراسخ مقارنةً بمُحيطٍ لم يعرف الهدوء خلال سنواتٍ سبع عجاف.
"مُخابراتنا" و كما هي أجهزتنا الأمنية التي تقدم الزهور و الورود و العصير لأطفالنا و لنا في حالات الطوارئ الجوية تجربةً و خبرة مع سواعد نشامى أجهزتنا الأمنية و الذين لا يهدأ لهم بال و في المدينة مُستنجد.
عشنا في نهاية 2016 ظروفاً عصيبة و خفنا أن الخفافيش تمكنوا منا إلا أن "مُخابراتنا" و حالة الإلتفاف الشّعبي حوّل القيادة و الأجهزة الأمنية و "مُخابراتنا" لم تنم وقت كنا نحن المدنيين نعلن بشرى إنتهاء داعش الجغرافيا ؛ إلا أن وعي قيادتنا و التي هي من سابق المحللين و الخُبراء في الجزم بإستمرار الخطر الداعشي "فكرياً" و تمثل ذالك بيقظة "مُخابراتنا" و تخليصنا من خطر توقعته صراحة مثلي كمثل أي متابع و قارئ للمتغيرات الاجتماعية و الحالة السائدة في المجتمع الدولي ، فعندما حدث ما حدث في مصر سنة 2016 تبعه ذالك أحداث الكرك و كما توقعت حينها خاصةً و أن خفافيش الظلام يستغلون أفراحنا ليفقدونا البسمة و الكبرياء ، و عندما وقعت أحداث في مصر نهاية السنة الماضية كنت من الذين ساورتهم مخاوف مشروعة ، إلا أن "مُخابراتنا" و نحن في غمرة إحتفالنا بأعياد الميلاد و رأس السّنة الجديدة 2018 كانوا هم من إستمروا بيقظتهم و جنبونا سيناريو أفخم مما كان قد جرى في الكرك في حال لو تم لا قدر الله ذلك المخطط البغيض و التي أصبحت خيوطه و أهدافه معروفة بعد عشرة أيام من بدء السنة لكي لا تعكر تلك الحفنة الباغية و المعتدية من خفافيش الظلام أفراحنا.
و لكن و رغم كل الحديث المتواصل لنا عن أهمية "مُخابراتنا" و أمننا في مثل هذه الظروف ، لا نأنف التأكيد المتواصل أن العدو اللدود للتطرف و الإرهاب هو التنمية و توفير فرص العمل ، فنحن كشّباب نعيش في ظل ظروف إقتصادية صعبة لا تتوفر فيه فرص الشغل و الإرتزاق و نحن نرى اللاعدالة الإجتماعية تستفحل في مجتمعنا.
نرى الوزير و رئيس الوزراء و النواب و أعضاء مجالس المحافظة يحصلون على الأموال الطائلة أو يسعون و لهم إمتيازات بذخية أو يسعون ، و نحن علينا أن نتحمل تنامي ضعف القوى الشّرائية في محافظاتنا ، عندما يشكو تجار الكرك حال الكساد في السوق و نشكو نحن الشّباب من إنعدام الفرص و حتى مع خروجنا من النظرة التقليدية كحملة شهادات علمية جامعية أو إنسانية على حدٍ سواء نصطدم بإنعدام الفرص في الجنوب و المحافظات و على من يريد العيش حزم أمتعته الى عمّان ليبيع على الإشارات أو يعمل ضمن أقسى الظروف في بعض شركات الغذاء الكبرى.
فعندما نرى نحن حملة الشهادات العلمية عضو مجلس محافظة لا يفرق بين اللامركزية كنظام إداري و مجالس المحافظة كهيئات حكم إداري محلي منتخبة من قبل الناس نشعر بالغبن على حظنا العثر و ربما يصل البعض من شّبابنا مدفوغاً بشعور اليأس و اللاجدوى من هذه الحياة الضنكى الى مهالك الضلال و الانحراف بكافة صورها إمتداداً من المخدرات و الكحوليات و إنتهاء بداعش ذلك الشبك الذي يصطاد قليلي الوعي الديني و اللامبالين و الفاقدين للأمل في الحياة للأسف.
يتساءل البعضُ من القُراء لماذا يندفع شبابنا الى داعش و نحن في بلد تتنامى فيه نسب البطالة و الفقر و الجريمة و الطلاق في السنوات الآولى من عمر الزواج و يعيش مجتمعنا الفاضل نظرياً بإنحطاط في كافة الصعد إقتصاديا و إجتماعياً و سياسياً و تعليمياً.
إن الأب الروحي للإرهاب و التطرف كما يسميه العلامة الدكتور رامي الحباشنة في مقالٍ له في صحيفة الرأي قرأتها مؤخراً ، هو الفراغ و الفساد و الإنحلال الاجتماعي في كافة الصور و الأشكال ، و التنمية التي ذكرتها و أذكرها و سأعيد التذكير بها هي المُنجي الوحيد لشّبابنا من داعش و آمثالها فنحن لا زلنا نطلق الرصاص على أقدامنا لنحمي رؤوسنا كما يسميها الحباشنة.
إن الإستمرار في أحادية التعاطي مع الأفكار المتطرفة و الارهاب و عدم شمولية تلك الحرب التي تقودها بلادنا كبقية دول العالم تبقي الخطر واقعاً ، في حين تحقيق التنمية و الإصلاح الإقتصادي البعيد عن جيوب الغلابى و تحقيق المساواة و تكافؤ الفرص حقيقة لا مجازاً هي الكفيل في محاربة التطرف و الارهاب و بشكلٍ يضمن لنا حلاً جذرياً.//