الهاتف في السجون ... !!!

زاوية سناء فارس شرعان

 

 

الهاتف في السجون ... !!!

 

قد يفاجأ القارئ او يستهجن عندما يقرأ هذا العنوان ... الا ان هذه المفاجأة سرعان ما تنتهي عندما يعلم ان هذا الخبر ليس في سجوننا العربية او سجون المنطقة او العالم الثالث وانما في السجون الاوروبية هذه القارة العجوز التي قطعت شوطا طويلا على طريق التقدم والمدينة واسهمت في نشر الحضارة اسهاما فاعلا ...

قبل تناول موضوع ادخال الهاتف الى السجون وهو احدث خطوة اتخذتها فرنسا بغية انهاء عزلة السجين من خلال انقطاعه عن العالم وعدم تمكينه من لقاء عائلته ومعارفه واصدقائه نود ان نشير الى ان اثيوبيا الدولة الافريقية ذات التاريخ العريق قررت اغلاق اشهر سجن فيها يضم العشرات من السجناء السياسيين والافراج عن نزلائه بالكامل والغاء عقوبة سجن السياسيين واصحاب الفكر والعقيدة ... بعد ان قررت اثيوبيا ان حرية الرأي مضمونه وانه لا جريمة سياسية على الاطلاق.

الخطوة الاثيوبية تعيد الى الاذهان قرار الحكومة الاردنية باغلاق سجن الجفر الصحراوي قبل عدة سنوات وتسليم المبنى الى وزارة التنمية الاجتماعية للاستفادة منه الا ان اغلاق سجن الجفر الذي كان يسمى «باستيل الأردن» نسبة الى سجن الباستيل الشهير في فرنسا الذي هاجمته نساء فرنسا خلال الثورة الفرنسية التي غيرت وجه فرنسا والتاريخ باسره لم يؤد الى الغاء الجريمة السياسية التي لا تزال معمولا بها رغم ان حرية الرأي والقول والتعظيم والتظاهر السلمي ليست جريمة ولا يمكن ان تكون كذلك بأي حال من الاحوال علما بان المواثيق الدولية لحقوق الانسان والقوانين والهيئات والمنظمات الدولية لا تعتبر جرئم بأي حال من الأحوال.

اهم ما في الموضوع ان فرنسا قررت ادخال الهاتف الى سجونها لتمكين نزلاء السجون من الاتصال مع اسرهم وذويهم وتمكين اقاربهم من الاطمئنان عليهم في اي وقت وذلك في خطوة لتحقيق الراحة النفسية لنزلاء السجون من خلال الاتصال مع الخارج وعدم عزلهم عن المجتمع.

فرنسا تعتبر الاولى من الدول الاوروبية التي تدخل هذه الخدمة الى السجون والمعتقلات وان لم تكن الاولى اوروبيا في تطوير السجون وتحسين الخدمات التي تقدمها مثل دول شمال اوروبا كالسويد والنرويج وفنلندا التي تسمح لنزلاء السجون بمغادرتها اذا اقتضت الامور ذلك والعودة اليها بعد انتهاءها وكأن نزيل السجون في اجازة يقضيها في الاهتمام في بعض شؤونه الخاصة ولاسرته.

دول العالم الثالث تحسد نزلاء بعض السجون الاوروبيين بسبب الامتيازات التي يتمتعون بها من حيث مستوى النظافة والاهتمام الكبير بالنزلاء وتقديم افضل انواع الطعام والشراب ووسائل الراحة والترفيه لهم مثل اجهزة التلفزيون والخروج من السجون يوميا واحيانا لأيام عدة. بحيث تعتبر بعض هذه السجون عبارة عن «فنادق» من الدرجة الاولى علاوة على تمكين النزلاء من مواصلة تعليمهم ودراساتهم النظرية والحرفية ليكتسبوا بعض المهن التي تمكنهم من العيش بعد قضاء مدة محكومياتهم.

لقد توصل الاوروبيون الذين كانوا ولا يزالون روادا للعالم في وقت مبكر الى فلسفة السجن والغاية منها بعد ان كانت السجون ولا تزال في الدول المتخلفة عبارة عن عقاب لمرتكبي الجرائم بانواعها بما فيها الجرائم السياسية.

طبعا لا ينكر احدا ان كل جريمة عقاب يدفعه مرتكب الجريمة مهما كانت قربا للتوبة وسلوك للطريق القويم وعدم تكرار الخطأ لكن هناك فرق كبير بين معاقبة مرتكب الجريمة واعدامه لأن العقاب لا يمكن معه زجر الجرم وردع من يحاول القيام به ... اما المقصود بالسجن فهو حبس حرية السجين وحرمانه من التمتع بالحياه فترة محددة حتى يخرج ولكن عند خروجه ينبغي ان يكون قد تغير نفسيا واجتماعيا وغير من سلوكه نحو الاحسن وعدم تكرار الاخطاء التي ارتكبها ... من هنا سمح لنزلاء السجون بمتابعة دراساتهم والحصول على مؤهل علمي عال يكون سلاحا له في حياته العملية بعد انقضاء مدة محكوميته.

من اجل ذلك تطورت السجون وتحسنت خدماتها للحفاظ على كرامة الانسان وانسانيته وتكريس احترامه لنفسه وتقدير احترام الناس له ...

ومن يدري فقد تضاف خدمات جديدة لنزلاء السجون مستقبلا مع ايمان الدول بانسانية الانسان وكرامته وحقوقه التي يجب ان تصان ... !!!