بطولات العشائر العقباوية في الدفاع عن فلسطين

عرضها الباحث المنزلاوي في محاضرة نظمها الملتقى الوطني ومجلس المحافظة


 

 

 

العقبة – طلال الكباريتي

 

نظم ملتقى العقبة الوطني للدفاع عن القدس مؤخرا بالتعاون مع مجلس المحافظة محاضرة توعوية بعنوان "دور أهالي العقبة في الدفاع عن القدس والقضية  الفلسطينية" في صالة نقابة المهندسين فرع العقبة .

 

ورعى هذه الفعالية  التي حاضر فيها الباحث عبد الله كرم المنزلاوي، رئيس مجلس محافظة العقبة محمد الزوايدة وحضرها عدد من أعضاء مجلس المحافظة وأبناء المدينة .

 

وركزت مضامين المحاضرة على عرض مسيرة العشائر العقباوية  (نحو42 عشيرة) في تضحياتهم بأرواحهم وأموالهم  في محاربة العدو الصهيوني والدفاع عن دولة فلسطين من خلال صور توضيحية .

 

كما ركزت مضامينها على بث الأمل والتفاؤل في نفوس المسلمين، وتبشيرهم على أن وعد الله آت في فتح المسجد الأقصى كما ذكر في كتابه الحكيم بسورة الإسراء، والبعد عن خطابات الكراهية في التشكيك والخذلان بهذا الخصوص .

 

وقال الباحث في التاريخ العقباوي عبد الله المنزلاوي أن الدفاع عن القدس عبادة وشرف واصطفاء .

 

و بين المنزلاوي أهمية ومكانة القدس والمسجد الأقصى، منوها إلى أنهما ذكرتا في كتاب الله، بالإضافة الى أنها الأرض المقدسة و مهد الأنبياء والرسالات السماوية .

 

ونوه الى أهمية مدينة العقبة منذ فجر تاريخها بأنها باتت مدينة النصرة والمروءة، واكتشف فيها أقدم كنيسة في القرن الثاني الميلادي وإرشاد الصحابيين عثمان بن عفان وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما للناس في كتب السير والتاريخ بأن ينزلوا (أيلة) العقبة  .

 

ولفت الى أن العقبة باتت ملاذا آمنا على مر العصور، مدللا على أن هذه الكنيسة ترجع  الى العهد القديم لأقباط مصر الذين عانوا الاضطهاد والظلم فاختاروا العقبة كملاذ آمن لهم وبنوا فيها كنيستهم .

 

وأضاف  أن أهل مدينة تدمر في العهد البيزنطي لجأوا إلى العقبة أيضا  وشكلوا لهم نقابة بحرية فيها بعد دمار مدينتهم .

 

ونوه أيضا إلى أهمية الموقع الاستراتيجي للعقبة، بأنها بوابة فلسطين وملتقى ثلاثة أقاليم (مصر والشام والحجاز)، و تشرف على حدود أربع دول، وكانت مركز إمداد  لدعم الفاتحين، وانطلق منها جيش الصحابي عمر بن الخطاب لفتح القدس.

 

ولفت الى أن العقبة في العصر الحديث باتت درعا حصينا لفلسطين، مدللا على فشل القوات البريطانية عام 1917م دخول فلسطين من خلال العقبة، وهلك فيها نحو 4 آلاف قتيل في معركتي غزة الأولى الثانية .

 

وذكر أن أبرز الركائز لدعم القضية الفلسطينية، يتمثل في دعم الشعب الأردني للموقف الهاشمي في نبذ فكرة تهويد القدس وحماية الأقصى وتأييد للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، مشيرا الى أن مشاعر الإحباط لا تنتج إلا إحباطا .

 

وأكد على أن الجيش الأردني كان من أكثر الجيوش مشاركة في معارك فلسطين ضد المستعمر، مدللا على معركتهم لحماية القدس الشرقية من الاحتلال عام 1948م، بالاضافة الى معركة باب الواد التي قتل فيها نحو 2000 جندي يهودي.

 

وتطرق المؤرخ المنزلاوي الى بطولات الجيش و الشعب الأردني في تبنيهم الكفاح المسلح، أبرزها معركة الكرامة التي كانت بمثابة عقاب للأردن على تبنيه الكفاح المسلح، إلا أن الجيش الأردني تمكن خلال 18 ساعة أن يكبد اسرائيل خسائر فادحة .

 

وأوضح أن جبروت الجيش الأردني تمكن أن يرضخ الاحتلال بأن يطلب من الجيش الاردني وقف إطلاق النار، ولم يستجب الجيش الاردني إلا بانسحاب آخر جندي إسرائيلي .

 

وعن أبرز بطولات العشائر العقباوية  في بداية الاحتلال الاسرائيلي  لفلسطين فقد ذكر أن كثيرا منهم شكلوا مطلع الثلاثينيات مجموعات لتهريب السلاح الى ثوار فلسطين من خلال الدخول عبر منطقة أم الرشراش (إيلات) .

 

 وذكر أن البطولات تجلت أيضا في عدد كبير من نساء العقبة قديما، مشيرا الى أن رجال العقبة آنذاك كانوا يستيعنوا بنسائهم في تخبئة الذخائر لتمريرها الى الثوار داخل فلسطين، مارين عبر دوابهم من أمام مخفر أم الرشراش (إيلات) .

 

ولفت الى بطولات المرحوم صادق المغربي، في تنفيذه أربع عمليات في فلسطين، مشيرا الى أنه استطاع النجاة بنفسه من الجيش البريطاني والهرب عن طريق البحر الميت وقدومه الى العقبة، بعد علمه بالحكم عليه بالإعدام .

 

وأشار الى بطولات أهالي العقبة في إخراج ثلاثة فدائيين (الهنداوي والسودي والخزاعي) من سجن قلعة العقبة، بعدما علم أهالي العقبة عن نية إعدامهم بعد ترحيلهم الى مدينة إربد .

 

وروى أن قصة فك أسرهم من سجن قلعة العقبة بدأت بتشكيل الفدائي علي اسماعيل ياسين مجموعة من رجال العقبة، فتمكنوا خلالها من خلع قضبان نافذة السجن، وأخفوهم بثياب نسائية، واستطاعوا تهريبهم مشيا الى منطقة حقل ومن ثم حصلوا على حق اللجوء السياسي في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله ورجعوا الى العقبة بعد صدور حكم العفو عنهم .

 

وأشار الى أن الشاعر لم تخل أبياته في مدح أصدقائه الثوار العقباويين في نصرة فلسطين، مستشهدا بأبيات مديح ذكرها فيها المرحوم حميد الكباريتي الذي كان رئيس بلدية آنذاك والمرحوم هديب الدوسري ومحمد اسماعيل ياسين و رموز عائلة البكور .

 

وعرض الباحث المنزلاوي مقالات للإعلامي العقباوي المرحوم منيب ماضي البكور في مناهضته للاحتلال الصهيوني لدولة فلسطين، و جعل أكثر جهده للدفاع عن القضية الفلسطينية، مشيرا الى أنه اعتقل عدة مرات لنهجه الفكر السياسي المعارض للاحتلال الصهيوني  .

 

وفيما يتعلق بدعم العشائر العقباوية في اموالهم لنصرة القضية الفلسطينية فقد روى أن العقباويين المرحومين عبد الرحمن ماضي ومحمد ماضي كانا أول المتبرعين لنصرة الشعب الفلسطيني فشكلا من خلالها لجنة لجمع التبرعات .

 

وبين تضحيات أبناء العقبة في تضحياتهم من أجل فلسطين، ومشاركتهم في حروب فلسطين كجنود في الجيش الأردني، أبرزها معركة النطرون وباب الواد  كالمرحوم أحمد ماضي ياسين .

 

وذكر أن أهالي العقبة أقاموا له بيت عزاء بعد وصولهم  لأنباء غير صحيحة عن استشهاده، إلا أن المعلومات تبينت أنها غير صحيحة بعد رجوعه الى أهله بعد تعافيه من إصابته آنذاك، مضيفا أنه كان دائم الافتخار رحمه الله بأنه قاوم حتى آخر رصاصة لديه .

 

واستعرض الباحث المنزلاوي بطولات الشهداء غازي الكباريتي وتيسير محمود الفيومي في معركة قلقيلية، التي اختلطت فيها الدماء الأردنية مع الفلسطينية .

 

وعرض الباحث المنزلاوي نماذج من حسن استقبال العشائر العقباوية للاجئين الفلسطينيين، مدللا على قول المرحوم الحاج نصرت البيطار لأبناء العقبة أن المرحوم علاوي الكباريتي كان من أوائل المستقبلين للاجئين الفلسطينيين الذي بلغ عددهم آنذاك نحو ألف لاجىء واستقبلهم في أول يوم بذبح بقرة لهم .

 

وذكر الباحث المنزلاوي أن المرحوم رياض الزربتلي أخبره أن بداية قصة تعايشهم كأخوة مع ابناء العقبة انطلقت باستقبالهم المرحوم الحاج حميد عيد .

 

وأضاف  أن زوجة المرحوم حميد أوصت قبل وفاتها بأن يرث أبناء الحاج الزربتلي مالها أسوة ببناتها، بحكم العلاقة الحميمة والأخوة والتعايش والمحبة .

 

واستذكر بطولات بدو العقبة أبرزهم المرحوم حميد الكبيش الذي نفذ عدة عمليات لمواجهة العدو الصهيوني في منطقة وادي عربة بالاضافة الى الفدائيين زيدان الكساسبة والمرحوم سويلم ابو بدر الاحيوات مضيفا الى أنهم نفوا بعضهم الى رم ومعان .

 

وعرض المؤرخ المنزلاوي اقتباسات لقيادات الاستعمار يوجه فيها الجيوش الى سحب العناصر المستعمرة فورا، بعد جبروت وعناد أهالي العقبة في التصدي للعدوان على أرض فلسطين .

 

وعرض المؤرخ المنزلاوي عبر صور توضيحية لبيت  في إيلات  تعود ملكيته للمرحوم حسن ابو العز (والد باشا العقبة المرحوم حماد ابو العز)، وولد فيه المرحوم الحاج عبد الرزاق رضوان مشيرا الى أنه ما زال قائما وبات مزارا للطلاب الاسرائيليين .

 

كما استعرض مسيرة التعسف اليهودي في تعديهم على الأراضي الفلسطينية مشيرا الى أن العقبة تعرضت عدة مرات عبر تاريخ العدوان الاسرائيلي للقصف .

 

وبين أنه بعدما علمت العديد من عشائر الأردن لقصف في حفائر العقبة (مناطق زراعية مطلة على البحر)، جمع الفدائي هارون الجازي نحو 40 من الثوار أبرزهم من عشائر الحويطات ومن وادي موسى والشوبك ومعان وقدم بهم الى العقبة .

 

وتابع أنه بعدما أصروا على تحرير أم الرشراش اجتمعوا وقتها عند بيت الشريف الحسين بن علي رحمه الله، بعدما انضم إليهم الكثير من الثوار حتى أصبح عددهم أكثر من 70 فدائيا إلا أن محاولتهم باءت بالفشل وبالاضافة الى مجموعة أخرى من الثوار شكلها المرحوم محمد ذياب بسيوني، اعترضهم قائم المقام لضعف إمكاناتهم في السلاح .

 

واستذكر بطولات المرحوم فرحات الجهني عام 1937م مشيرا الى انه نفذ حرق سيارة قائد الجيش البريطاني كلوب باشا بمشاركة عدد من العشائر العقباوية، وسجن بعدها في بئر مذكور بالاضافة الى بطولات المرحوم غابي الفيومي في حرق معسكرات الجيش البريطاني في الأردن .

 

وعرض الباحث المنزلاوي مظاهرات جمعت أغلب أهالي العقبة عام 1956م، تنديدا بالدعم البريطاني لاسرائيل، والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين .

 

وفيما يتعلق بالدعم المادي لنصرة أهالي فلسطين فقد استعرض الباحث المنزلاوي دور لجنة تشكلت بقيادة الحاج فارس درويش وعضوية كل من الحاج نصرت البيطار و الحاج حسن عبد الجواد والحاج ابراهيم الذنيبات رحمهم الله تعالى .

 

ولفت الى أنه خلال أول ثلاثة أيام من تشكيل اللجنة تمكن أهالي العقبة  من جمع تبرعات ملأت 39 شاحنة، أرسلوها عن طريق الهيئة الهاشمية الى فلسطين .

 

وأشار الى أن أبرز مشاهد تضحيات أهالي العقبة لنصرة أهالي فلسطين بهذا الخصوص، تبرع طلاب المدارس بكل ما يملكوه من أموال جمعوها من مصروفهم المدرسي، بالاضافة الى نساء خلعن أساورهن الذهبية تبرعا لأهالي فلسطين، ومن الشباب الذين لا يجدون ما يتبرعون به  خلعوا  معاطفهم كتبرعات  دعما لأبناء فلسطين الأبية .

 

وذكر أن إحدى الصحف اليومية نشرت بعدها أن مجموع تبرعات أبناء العقبة بلغت نسبتها 55% من مجموع تبرعات أهل الأردن لفلسطين، بالإضافة الى تضحياتهم في التبرع بدمائهم من خلال المراكز .

 

ودعا الباحث والمؤرخ العقباوي عبد الله المنزلاوي أبناء العقبة الى الشرح والتوضيح والتعريف لأبنائهم عن القضية الفلسطينية، ودعم صمود أهالي فلسطين ماديا ومعنويا، كإرسال رسالة تعزية ومواساة لأم شهيد، وتربية الأبناء على حب فلسطين .

 

وحث على أن تكون حصالة في كل بيت عقباوي لدعم الأسر ماديا في فلسطين، وبث الامل في النفوس في تحرير فلسطين، كما وعد الله في كتابه العزيز، بالاضافة الى الحفاظ على مقدرات الوطن، والعودة والتمسك بكتاب الله وسنته .//