النملية

النملية

محمود الشمايله

تمسح أمي يديها من الماء بأطراف مدرقتها و تتبع خطاها إلى المطبخ ، تقف أمام النملية وهي تحاول أن تتذكر الشيء الذي تريده ، تنظر من خلف زجاج الضرفة اليمنى ثم اليسرى دون جدوى...

ما إن تنتهي من مسح يديها تفتح الضرفتين معا وتجوب بعينيها باحثة عن شيء لا تتذكره ،

طبقتان خشبيتان مفروشتان بجرائد اصفرّ لونها وبقع سوداء هي زيت بلدي و ماء المخللات ، مزيج من الروائح لا يطغى أحدها على الآخر ، في الرف العلوي أواني ألمنيوم ،طنجرتان احتوت إحداهما الأخرى ، صينية شاي ملصقة في صدر النملية ، قشانية كبيرة وأخرى صغيرة وإبريق شاي أصفر متوسط الحجم وكيس أسود تفوح منه رائحة الشيح والقيسوم والزعتر ومطربان سمنة بلدية.

ترد أمي باب النملية العلوي وتفتح الطابق السفلي على مصراعيه ، سدر ألمنيوم كبير وصواني مسندة إلى ظهر النملية وسطل زيت بلدي ومطرة زرقاء فيها زيتون مكبوس،كيس أسود في داخله مجموعة من الأكياس الأخرى ..

فجأة تنتبه أمي إلى وجودي بجانبها تجحظني بعينيها وتقذفني بغضبها

يا عيل أنت ويش بتسوي هانا إقلب وجهك لعنة الله عليك .والله ما حاس الدار غيرك .

- يمه انا ويش سويت ليكي .. علامكي ياه ؟!

- يا عيل انقلع من وجهي

- يمه أنت ع ويش بدّوري؟

- وشاش يوش أذانك يا عيل اقلب وجهك

تبحث في أطراف المطبخ عن أي أداه تقذفني بها ، تحت النملية تسقط يدها على حفاية بلاستيك ، في تلك الأثناء كنت قد ابتعدت مسافة كافية لامتصاص القذيفة التي التصقت بظهري تماما ........

أغلقت أمي الباب لكنها حتما لم تغلق قلبها .//