تصنيف الجامعات

تصنيف الجامعات

 

الدكتور محمد طالب عبيدات

حيث أننا نعتز بالتعليم العالي كأحد النقاط المضيئة والناجحة في مسيرة الدولة الأردنية، وحيث أن جامعاتنا الرسمية والخاصة باتت مِحجاً ومركزاً قويماً لأبناء المنطقة برمّتها، فحتماً من المفروض أن نتطلّع لعالمية تصنيف الجامعات لا أن نتقوقع في محلية التصنيف لضمان جودة جامعاتنا والمضي قُدماً بها صوب التنافسية على الخريطة العالمية:

1. أثير لغط وجدلية كبيران على تصنيف الجامعات الرسمية والخاصة والتي أجرته هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها، والتي نحترم جهود العاملين فيها وأجزم أنها قصدت تنافسية وإصلاح الجامعات لا التشهير بها، حيث تم تصنيف الجامعات الأفضل بواقع خمسة نجوم تدرّجاً بالهبوط وصولاً للنجمة الواحدة، ولاقى التصنيف انتقادات لاذعة من القائمين على التعليم العالي والجامعات نفسها والخبراء الأكاديميين والمجتمع المحلي وكل الناس.

2. كثيرون انتقدوا نتائج التصنيف المحلي لأن آثاره مدمّرة وسلبية ومُتسرّعة على بعض جامعات الأطراف التي ظروفها صعبة وأنشئت لمسؤوليات مجتمعية واضحة المعالم، وأن هذه التصنيفات لا تراعي أي أسس أو معايير دولية، كما أنها لا تُعزز التنافسية بين الجامعات ولا تخدم خطة الاستجابة لاستقطاب الطلبة الوافدين.

3. آخرون ذهبوا لدرجة السخرية والانتقاد اللاذع وعابوا على التصنيف كونه يشوّه سمعة الجامعات ولا يُشكّل أي مقارنات عادلة ويعطي النُجم لها على غرار الخدمات الفندقية ولذلك أطلقوا عليه التصنيف الفندقي للجامعات.

4. تصنيف الجامعات عادة يكون طوعاً واختياريا وفق جهوزية الجامعات ولا يكون قسرياً البتّة، ويدخل فيه معايير قابلة للقياس كالبيئة التعليمية وجودة التعليم والمرافق والتسهيلات والقوى البشرية ونتائج البحث العلمي ومواءمة مخرجات التعليم العالي وسوق العمل وغيرها.

5. أحسنت الحكومة ممثلة بدولة الرئيس ومعالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى جانب لجنة التربية والشباب في مجلس النواب بالخروج من عنق زجاجة اختناقات التصنيف بتوافقية وسطية والطلب من هيئة الاعتماد أن تلغي هذه التصنيفات وإعطاء الجامعات فترة خمس سنوات للاستعداد للتصنيف المحلي والعالمي.

6. كنتيجة لمحدودية عدد جامعاتنا وتباين سنوات إنشاءها وتخصصاتها، فإن ما يتوافق معها هو الترتيب وليس التصنيف، وذلك وفق معايير مرنة تخلق التنافسية والإصلاح والجودة، بيد أن التصنيف ربّما يكون للبرامج والتخصصات ليخلق حالة من التنافسية والتميز بينها، حيث المتغيرات التنافسية بين الجامعات متعددة ومتنوعة في ذات الوقت، وإلّا فإننا سنؤثّر سلباً على سمعة جامعاتنا وستتأثر عناصر الجذب والاستجابة للسياحة التعليمية فيها.

7. نعتز بما وصلت إليه بعض الجامعات الأردنية من إنجازات في التصنيفات العالمية كالعلوم والتكنولوجيا الأردنية والجامعة الأردنية وغيرها، وهنالك خطوات أخرى جادة للكثير من الجامعات في هذا الصدد ستكشفه قادم الأيام، فالأردن مركز إقليمي متميّز لضخ كفاءات ومخرجات التعليم العالي.

8. مطلوب من جامعاتنا بالمقابل التركيز على عالمية التصنيف كتصنيف QS حيث التنافسية الحقيقية مع الجامعات الأمريكية والأوروبية، وحيث التسابق صوب الإنجازات الحقيقية والمعايير الشفافة والواضحة، وحيث التشبيك على الخريطة العالمية للتعليم العالي.

بصراحة: لكل جامعة أردنية رسمية أو خاصة ظروفها الخاصة، ونعتز بكل واحدة فيها كنتيجة لهذه الخصوصية فهي تارةً نقاط قوة وفرص وتارة أخرى نقاط ضعف وتحدي، والمطلوب مراجعة شاملة في الجامعات وربما ثورة بيضاء لإصلاح المفاصل الرئيسة فيها لتنافس عالمياً وإقليمياً وفق تطلعات سيدي الملك المعزّز حفظه الله ورعاه.//