المناطق التنموية وضريبة القهوة والمكسرات.
المناطق التنموية وضريبة القهوة والمكسرات.
*الدكتور علي هلال البقوم
تصريحات وزير الصناعة والتجارة والتموين حول توحيد الجمارك على مدخلات الإنتاج للمصانع المتواجدة خارج المناطق التنموية مع مثيلاتها داخل المناطق التنموية خاصة فيما يتعلق بالبن والقهوة والمكسرات يُعتبر مؤشر خطير على البيئة الإستثمارية للمناطق التنموية التي اقيمت في المحافظات النائية خدمةُ لقاطنيها بتخفيف البطالة والفقر التي تُعاني منها الأطراف وتحقيقاُ للتنمية المستدامة التي أمر بها سيد البلاد جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم بعمل المناطق التنموية للمحافظات والتي كانت الغاية منها بإيجاد بيئة استثمارية جاذبة للاستثمارات من خلال المناطق التنموية التي اقيمت فيها لتخفيف حدة الفقر والبطاله.
انفقت الملايين من الدنانير لتوفير البنية التحتية بالمناطق التنموية والتي مازالت في مراحلها الاولى وتهيئتها بجلب المستثمرين من داخل وخارج المملكة الى تلك المدن لتوفير فرص العمل وان العمل جاري لتحقيق الالاف من فرص العمل مستقبلاُ حيث تعززت صلاحيات هيئة الإستثمار الأردنية بإقرار قانون الإستثمار رقم (30) لعام 2014، والذي مكَّن الهيئة بجعلها الجهة الحكومية الوحيدة المسؤولة عن جذب الاستثمارات ودعم الصادرات وتوفير بيئة استثمارية آمنة ومستقرة، كما أن قانون الاستثمار أنشأ هيئة الإستثمار الأردنية لتكون المؤسسة الرئيسية في الأردن المعنية بتشجيع الاستثمار، وبشكل منفصل، بتنمية الصادرات الوطنية وقد مُنحت هيئة الإستثمار الأردنية مسؤولية الإشراف على المناطق التنموية والمناطق الحرة في المملكة وتنظيمها والتي حققت فرص العمل في المحافظات ورفعت من مدخولات الدولة من ضريبة الدخل.
لقد بدأت الحكومة بإعفاء مدخلات الانتاج على البن والقهوة والمكسرات اعتباراُ من مطلع عام 2018 - والتي تُعتبر من المواد الكمالية - داخل وخارج المناطق التنموية وأن الأمر لا يقف عند هذا الحد بل ان هنالك تخوف كبير من باقي القطاعات الصناعية داخل المناطق التنموية بأن القرار سيشملهم الأمر الذي سيؤدي الى عزوف المستثمرين وترددهم عن الاستثمار داخل المناطق التنموية، بالاضافة الى عدم الاستقرار وضعضعة البيئة الاستثمارية لخوفهم من تصريحات وزير الصناعة التي اطلقها مؤخراً وتبعياتها وهنالك توجه كبير لمستثمرين بنقل استثماراتهم الى الخارج، مما ينعكس سلباُ على تسريح العمالة الموجودة داخل هذه المناطق والذي يخلق الخلخلة الاجتماعية خاصة في المحافظات الاشد فقراُ بالاضافة الى قرب بعضها من الحدود السورية والعراقية التي عانت الكثير من الصراعات المحيطة بالمنطقة.
ان بشائر نجاح المناطق التنموية قد خلقت بيئة جديدة منظمة للعمل الصناعي والذي يعتبر عنواناُ من عناوين التطور الصناعي الاردني ولجم الاندفاع للاستيراد، وان مستثمرو مدينة الحسين التنموية في محافظة المفرق يهددون بإغلاق استماراتهم ونقلها للخارج والتي قد يجعلها تنحني عن الهدف الذي أشئت من اجله وهو ما يقوض الأمن المجتمعي من خلال تسريح العديد من العمالة لديها.
لا يجوز التلاعب على قانون المناطق التنموية من خلال عمل التشوهات للمناطق التنموية لإفشال مفهوم المناطق التنموية، بالرغم من اعطاء الاعفاءات للمناطق التنموية وليس للمصانع لنقل التنمية الى المحافظات، مع العلم بان اهداف الاستثمار هو التصنيع وليس الاستيراد ويجب على الحكومة ان تشجع التجار الى التصنيع بدلاً من الاستيراد للكثير من السلع.
اخيراُ ان الأمن الاجتماعي والاقتصادي الذي يسعى اليه المواطن الاردني لا يرتبط بالبن والمكسرات والتي تبلغ قيمة مستورداتها بما يقارب ال 90 مليون دينار بالعملة الصعبة لانها من السلع الكمالية والتي لا يحتاجها اصحاب الدخل المحدود، بل ان الامن الاجتماعي والاقتصادي يرتبط في جلب الفرص الاستثمارية التي تحقق فرص العمل والتخفيف من البطالة ويجب على الحكومة ان تعيد حساباتها من اجل الغاية التي اقيمت من اجلها المدن التنموية مراعية بذلك مصير الصناعيين اللذين استثمروا في المناطق التنموية ونقلوا مصانعهم اليها ؟؟؟؟؟
*الدكتور علي هلال البقوم
رئيس اللجنة المالية والاقتصادية والتنموية
مجلس محافظة المفرق
Alihilal15@yahoo.com