فشل الحكومات في تطوير النقل العام

فشل الحكومات في تطوير النقل العام

بلال العبويني

قطاع النقل لدينا بائس، ولم تنجح الحكومات على الدوام في إيجاد خطط قادرة على حل ما يعانيه من مشكلات رغم أن جميعها تقريبا تحدثت عن عزمها تطوير منظومة النقل في المملكة.

في كل قرار هدفت الحكومات المتعاقبة من ورائه تطوير القطاع، كان الواقع يزداد بؤسا، إلى أن وصلنا إلى شوارع تكاد تتفجر من زحمة السيارات التي تتكوم في الشوارع فوق بعضها البعض في منظر غاية في الفوضى المؤذية والمزعجة.

قطاع التاكسي الأصفر، الذي يحتج اليوم على ترخيص شركات التطبيقات الذكية، هو واحد من علامات الفشل الكُبرى التي يقاس على غيره من قطاعات النقل الأخرى كالحافلات و"الكوستر"، لأن آلية التفكير كانت واحدة في التعاطي مع القطاع عامة.

وأولى علامات الفشل، في الترخيص لمشغلين فرادى من الصعب تجميعهم ضمن نظام عمل واحد، ومن المستحيل إلزامهم بأخلاقيات عمل واحدة، وبما أن صاحب واسطة النقل العام فرد فهو يشتغل في الوقت الذي يراه مناسبا ويتعامل مع الزبون الذي يريده ويصد من يريد.

وهو بذلك حرّ بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ما جعل الحكومة عاجزة عن السيطرة الفعلية على كل ما تعلّق بالتاكسي الأصفر على وجه الخصوص، ومن ذلك فشلها في فرض لباس موحد، مثلا، على سائقي التكسي، وفشلها في إجبار السائقين على عدم التمييز بين الركاب والتعامل معهم بمزاجية وما إلى ذلك.

في وقت سابق تم الترخيص لشركات تاكسي، غير أن تلك الخطوة "زادت من الطين بلة"، وزادت من الفوضى التي نشاهدها اليوم في شوارعنا، عندما كان لتلك الشركات غاية محددة وتجاوزت عنها لتعمل مثلما يعمل التاكسي الأصفر، ومن ذلك التاكسي ذو اللون "السلفر" في عمان، الذي كانت غايته الاستجابة لطلبات الزبائن عبر الهاتف، والتاكسي ذو اللون "البيج" في إربد أيضا.

إلى اليوم، لم استمع من أحد استخدم "تكاسي التطبيقات" كلمة ذم بحقها، وهو ما يعني أن الحاجة ماسة إلى ان نسير نحو هذا التطور المطلوب في قطاع التاكسي الأصفر ما يحفظ وقت وكرامة وراحة الراكب وبما يوفر المردود المادي الجيد للمُشغل.

وهذا يتطلب خطوة متقدمة من الحكومة في قانون يلزم مشغلي التاكسي الأصفر على الإئتلاف في إطار شركات توضع لها معايير وشروط محددة بحيث يصبح القطاع ذكيا متوافقا مع ما توفره التكنولوجيا من حلول، وبحيث يكون منظما ويرتكز على أخلاقيات عمل تحترم مكانة السائق وتنال رضى الراكب.

قطاع النقل هو واجب على الدول أن توفره لمواطنيها بما يحفظ كرامتهم وراحتهم ووقتهم، وهي إن تخلت عن هذا الدور لصالح مشغلين من القطاع الخاص فإن الواجب عليها أن تضع القوانين والأنظمة التي تنظم عملهم، بالإضافة إلى دعم القطاع بما يحمل عنها من كتف ثقيل عجزت هي عن حمله.

وبما أنها تخلت عن دورها، فإن المطلوب منها أن تدعم هذا القطاع، بتنظيم عمله وبما يشجع المواطنين على ترك سياراتهم الخاصة واستخدام وسائط النقل العام، لكن ذلك لا يكون إلا إن شعر المواطن أن النقل العام يحفظ له كرامته ووقته ويوفر عليه الأموال أكثر من استخدامه لسيارته.//