المعارضة السورية بين جنيف وآستانا

  فارس شرعان

 

 

المعارضة السورية بين جنيف وآستانا

 

منذ اندلاع الثورة الشعبية في سوريا عام ٢٠١١ لاسقاط النظام واقامة آخر على انقاضه اكثر عدلا واستجابة لمطالب وطموحات السوريين وهناك معارضة موحدة مقتنعة على اسقاط النظام الا ان التدخل الروسي السافر في الحرب الاهلية ادى الى احتلال اجزاء كبيرة من الاراضي بيد النظام والروس ما اتاح المجال لموسكو لتحديث الاوضاع والمواقف في سوريا وانشاء ما يسمى بمنطقة موسكو التي اضحت جزءا لا يتجزأ من المعارضة السورية.

من اجل ذلك نرى ان وفد المعارضة السورية في مفاوضات آستانا التي ابتدعتها موسكو في محاولة لابقاء مفاوضات جنيف التي تجري باشراف الامم المتحدة استنادا الى بيان جنيف الذي يدعو الى تشكيل هيئة حكم انتقالي تدير البلاد في المرحلة الانتقالية بما في ذلك اعداد دستور جديد تقتضيه انتخابات باشراف الامم المتحدة ... هذا الوفد يختلف في تشكيلته عن الوفد الذي يشارك في مفاوضات جنيف التي انتهت الجولة الفائتة منها قبل ايام دون تحقيق اي نتائج بسبب رفض وفد النظام السوري الجلوس الى طاولة المفاوضات مع وفد المعارضة الذي تقرر مسبقا وفقا لبيان الرياض ابعاد الاسد والضغوط على النظام لاستكمال المفاوضات محذرا من مغبة فشل المفاوضات في تقسيم سوريا وتجزئتها الى عدة دويلات او كيانات.

الرئيس ميز بين المعارضة في آستانا والمعارضة في جنيف موضحا ان الفرق بينهما ناجم عن المشاركين فيهما حيث ان موسكو تختار الاطراف المشاركة بما فيها المعارضة وبالتالي تشرك من ترغب في مفاوضات آستانا ... اما مفاوضات جنيف فيتم اختيار المشاركين فيها من قبل الأمم المتحدة بحيث يكون اختيار وفد المعارضة من الفئات والفصائل النابعة عن المعارضة التي وصفها الاسد بأنها لا تمثل الشعب وكأن المعارضة بكافة فصائلها واتجاهاتها واطيافها قادته من خارج الحدود ولا تمثل السوريين.

ما حذره موفد الأمم المتحدة استيفان دي ميستورا من ان عدم مشاركة وفد النظام في مفاوضات جنيف سيؤدي الى انقسام البلاد وتقسيم سوريا الى عدة دول وكيانات.

ثمة عنصر جديد برز في الصراع الدائر في سوريا يكمن في وصف الاسد لقوات سوريا الديمقراطية التي تمكنت من تحرير الجزيرة السورية من تنظيم داعش بدعم امريكي واتهمت التحالف الدولي بالخيانة عندما قال انه يحمل ادارة الاجانب بالحرب ضد بلاده، يعتبر ناسيا او متناسيا انه ونظامه اول من يقاتل مع اطراف اجنبية وسلمها مقدرات بلده ومقدساتها من اجل ان تحافظ على وجوده في السلطة وبقائه في الحكومة.

من اجل ذلك سارعت قوات سوريا الديمقراطية وقوامها من الاكراد في الرد على الأسد موضحة انه آخر من يحق له الحديث عن ابنائه لأنه اول من كان شعبه وبلده واستفاد من القوات الروسية وميليشيات ايرانية لحماية نظامه من الانهيار حيث اوشك على السقوط لولا تدخل الروس والايرانيين وحزب الله كما اعلنت هذه الاطراف انذاك.

يرى المراقبون ان واقع الحال في سوريا يشير الى ان البلاد في طريقه للتقسيم والتجزئة حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على الجزيرة السورية في الشمال الشرقي التي تشكل ٣٠ في المائة من مساحته بالاضافة الى انها تقطع الطريق امام المخططات الايرانية بتكوين طريق بري بين طهران وبيروت عبر العراق وسوريا ... اما وحدات حماية الشعب الكردي فتسيطر على الشريط الحدودي مع تركيا بما لا تقل مساحته عن ١٠ في المائة من البلاد ،،، وتسيطر المعارضة السورية على عدة مناطق في الشمال والوسط والجنوب ولا تقل مساحتها عن ٢٥ في المائة من مساحة سوريا فيما يسيطر الروس والايرانيين والنظام والميليشيات التابعة له على ما تبقى من سوريا لا يزيد عن ٣٥ في المائة من مساحة البلاد علاوة على المناطق التي تحتلها تركيا والمؤهلة للزيادة في ضوء المخططات الموضوعة لاحتلال عنصرين ومناطق اخرى ... !!!