من حق الأردن التكتيك جيوسياسيا ويبقى الخوف على الآخرين

 

 محمد الفرجات

 

ترامب البيزنيسمان مع من يدفع أكثر، وقد بقي من ولايته ثلاثة أعوام قد لا تساعده الظروف في بلده لإكمالها، فمخطىء من يراهن عليه كثيرا ويرتمي بأحضانه.

 

قرارات ترامب بحق المنطقة قلبت العالم عليه، وجعلت سيادة أمريكا العملاق العالمي بصورة غير التي تعود الرأي العالمي عليها، وسيكون لذلك إنعكاسات سلبية بحق القارة الأمريكية ليس أقلها إقتصاديا.

 

داخليا تتزعزع صورة ترامب والتململ يسيطر على المشهد من تبعات بقائه في السلطة، والرأي العام الأمريكي لا بد من أن يقول كلمته قريبا.

 

ماذا عن وضع المنطقة العربية وخصوصا محيط النزاع العربي الإسرائيلي وبدائرة أوسع قليلا لنشمل الخليج العربي وإيران، إضافة للدول الملاصقة للأراضي المحتلة كسوريا والأردن ولبنان ومصر؟

 

لقد أثار قرار ترامب بشأن القدس المنطقة، وهنالك تحركات بعضها علني والآخر من تحت الطاولة، يعاد فيها نسيج الروابط والتحالفات، وقد ينتج عنها بعد أن تتبلور ما لا يتوازى مع المصالح الأمريكية في المنطقة، ولا في صالح من ذهب كثيرا في أحضان ترامب.

 

الأردن اليوم يعيد تقييم المشهد بدقة ومهنية عاليتين، وبعد أن شعر بأن موقفه مع القدس قد يفرض عليه نتائج كيدية كموضوع المحكمة الدولية بشأن إستضافة الرئيس السوداني قبل نحو عام، ويتكتك جيوسياسيا ويعيد رسم خارطة علاقاته شمالا بعمق يصل سوريا وتركيا وشرقا بعمق يصل ما بعد العراق إلى إيران، والبوصلة تشير إلى روسيا أيضا.

 

هذا طبعا لا يعني بأي حال الحد من العلاقات بالعمق الجنوبي التقليدي مع دول الخليج كالسعودية والإمارات، ولا يعني أيضا بقاء فتورة العلاقات مع قطر بل السعي لتمتينها.

 

تكتيك الأردن الجيوسياسي أمر تفرضه الأحداث، وعلى من يشعر بأن مصلحته لا يواتيها الأمر أن يبدي مزيدا من حسن النوايا تطبيقيا قبل أن يكتمل رسم النموذج والذي لن يكون بحلاوة العسل للبعض.

 

يترتب أردنيا على ذلك المزيد من الإعتماد على الذات إقتصاديا بتبني نموذج مشابه لمشروع الشعب للانتاج الذي صاغه الدكتور محمد الفرجات ونادى به منذ نهاية عام 2012، كما ويعطي الدولة الأردنية حق رسم علاقاتها بتوازن بما يعزز موقفها أمام قراراتها التاريخية، التصويت ضد قرار ترامب بحق القدس مثال.//