ميلاد المسيح بين نبيين

ميلاد المسيح بين نبيين

 

 وليد حسني

 

هذا يوم ميلاده، ذكرى ريح الله التي حملته الى أقدس امراة في الكون، روح القدس الذي تجلى لمريم البتول، الطفل القدوس الذي كلم الناس في المهد صبيا، أقدس الأنبياء وأكرمهم، الشهيد الذي احتار الناس في نهاياته المقدسة، معجزة الموت والإنبعاث"القيامة " التي لم تزل سرا من أسرار الله.

ميلاد المسيح عليه الصلاة والسلام لا يعني الإخوة المسيحيين فقط، بل يعنينا نحن المسلمين أيضا، ويعني كل إنسان في هذا الكون الذي كان من المؤكد أنه سيكون اكثر سوءا لولا  لم يكن فيه السيد المسيح والنبي محمد عليهما الصلاة والسلام.

إن السيد المسيح يشغل في الإسلام أعلى مكانة مقدسة هو وامه البتول عليهما السلام، ولا يصح إسلام المسلم ما لم يؤمن بالمسيح وبمعجزاته بدءا بمعجزة الحمل به والولادة، وانتهاءا بقيامته ورفعه الى السماء، هنا يذهب حضور يسوع المخلص في الإسلام إلى أبعد منتهى له.

في بدايات التشكل الثقافي والفكري والديني للنبي محمد عليه الصلاة والسلام كانت المسيحية حاضرة في مكة، وتفرض نفسها على المجتمع القرشي بكامل الإحترام والتأثير، وكان ورقة بن نوفل سيد الكنيسة المشرقية يقوم بدوره الديني، واقترب النبي محمد منه اكثر فأكثر عندما تزوج بسيدة نساء المسلمين قاطبة السيدة خديجة بنت خويلد الأسدية رضي الله عنها فقد كان ورقة عمها ومرجعيتها الدينية، وهي السيدة"الطاهرة " كما كانت قريش تسميها.

في اقتراب النبي محمد عليه الصلاة والسلام من عالم الزوجة الطاهرة والعم المترهب سيد الكنيسة في مكة بدأ النبي محمد يتحنث ويعتكف في غار ثور، هنا تاخذ المسيحية دورها في تشكيل رؤى النبي، بدءا بأسطورة بحيرا الراهب وانتهاءا بفتح مكة حين امر النبي بمسح وغسل وحذف كل الصور التي رسمها أهالي قريش في جوف الكعبة باستثناء صورة السيد المسيح وأمه البتول عليهما السلام، فقد أمر النبي بالإبقاء على تلك الصورة بل وحماها بظهره، وظلت ماثلة في جوف الكعبة حتى تم حرق الكعبة وهدمها.

بين هاتين الصورتين يحضر قرار النبي عليه السلام المبكر بإرسال صحابته المضطهدين الى الحبشة" ففيها ملك لا يضام عنده أحد"، كان النبي يدرك الى أي مدى تتوافق تعاليم السيد المسيح مع تعاليم الإسلام الناشيء والمضطهد من رافضي الإسلام والتوحيدية الإسلامية، وهذا ما دفع بالنجاشي لأن يخط بعصاه على الرمل ويقول: ما بيننا وبين الاسلام غير هذا الخط".

وفي ذات السياقات فان النبي محمد عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح"البخاري" "ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد، فيستهل صارخاً من مس الشيطان، غير مريم وابنها" ثم يقول أبو هريرة: وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم.

هذه القدسية للسيد المسيح وأمه مريم عليهما السلام، يتناساها هذا الأوان الكثيرون ممن يتناسون تعاليم نبيهم، ومدى تقديسه لـ"ابن الخالة" كما كان يحب النبي تسمية السيد المسيح عليه السلام..

في ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام يعاد استذكار معجزاته ومسيرة حياته وتعاليمه عليه السلام..

وفي ذكرى ميلاده لا أقول لأولئك الذين يلغون عقولهم إلا ما قاله السيد المسيح للأعميين اللذان لحقا به" بحسب إيمانكما ليكن لكما " متى ــ 9 ــ 29 ــ