التقارب الأردني السوري

بلال العبويني

اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة مع القائم بأعمال السفارة السورية في عمان، كان لافتا بما تضمنه من تصريحات متبادلة عكست واقع الحال الذي يفرض تقاربا بين الدولتين، باتجاه انتقاله من الإطار الشعبي الذي يمثله مجلس النواب إلى الإطار السياسي والدبلوماسي الحكومي.

الطراونة بارك انتصارات الجيش السوري على تنظيم داعش الإرهابي، وقابله علوش بالتأكيد على رفض سوريا أية ضغوط تمارس على الأردن سواء أكانت سياسية أو اقتصادية.

الطراونة احتج على عدم دعوة سوريا لاجتماع الاتحاد البرلماني العربي الذي عُقد في المغرب قبل أسبوعين، وعلوش أكد دعم سوريا للوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس.

في الحقيقة، مباركة انتصارات الجيش السوري على الإرهاب الداعشي، يحمل من الأهمية بمكان ما يمكن التوقف عنده بما يؤشر إليه الجيش السوري من رمزية الدفاع عن وحدة وسلامة الأرض السورية طوال السنوات السبع الماضية، وما يؤشر إلى الرغبة الأردنية في أن يكون الجندي الذي يحرس الجهة المقابلة من الحدود ينتمي لجيش الدولة السورية، لا غيره من جيوش ظلت متهمة بأجنداتها وولاءاتها الخارجية.

كما أن التأكيد على رفض سوريا الضغوط التي تمارس على الأردن، لها أيضا من الأهمية ما يمكن التوقف عندها بالنظر للظرف الراهن وتهديد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للدول التي تعارض قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والأردن كان رأس حربة في ذلك، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى بالنظر إلى ما كان يقال عن الضغوطات التي كانت تمارس على الأردن إبان الأزمة السورية، وقابلها الأردن بإصرار على رؤيته أن لا حل للأزمة السورية إلا سياسيا، وإصراره على وحدة الأراضي السورية، التي كان ثمة من يدفع باتجاه تحويلها إلى دويلات تُقام على أرضية طائفية وعرقية.

 اللقاء حمل رسائل مهمة، وهي تأتي في وقتها الدقيق والمناسب، حيث أن الأردن بحاجة إلى الانفتاح أكثر على سوريا سياسيا واقتصاديا، وهذا الأخير يتمثل في ضرورة إعادة فتح معبر جابر نصيب، وعود الحياة إليه من ناحية تنشيط حركة المواطنين ومن ناحية تنشيط حركة التبادل التجاري.

وهو يأتي في وقته أيضا بالنسبة لسوريا التي غادرت منذ أشهر منطقة الخطر وأصبحت الكثير من مناطقها آمنة، وهي بحاجة إلى ترطيب علاقاتها بغيرها من الدول، والأردن على قائمة تلك الدول باعتبارها بوابة برية مهمة لسورية من ناحية التبادل التجاري والتواصل السكاني والتنسيق الأمني والسياسي في مختلف الملفات.

اليوم، بات واقع الحال الدولي وما آلت إليه الأزمة السورية يفرض الانفتاح سريعا في العلاقة بين الدولتين، ولعل المنفذ السوري يشكل أهمية كبيرة للأردن في سياق اعتماده على ذاته بعد أن تقلصت المساعدات لأهميته في مرحلة الإعمار السورية المقبلة، ولاهميته في انسياب حركة الاستيراد والتصدير للمنتجات الأردنية باعتبار الوصول إلى سوريا ولبنان بريا له أهمية كبيرة بالنسبة إلينا.

لذلك، اعتراض مجلس النواب على عدم دعوة سوريا لاجتماع الاتحاد البرلماني العربي، قد يتبعه مطالبات أردنية بعودة الدولة السورية لتشغل مقعدها الطبيعي في الجامعة العربية، وقد يتبع رفض سوريا الضغط على الأردن سياسيا واقتصاديا دعوتها للمشاركة في إعادة اعمار سوريا.

بالتالي، فإن التقارب بين الدولتين فيه مصلحة مشتركة، يجب انجازه سريعا ودونما ابطاء.//