قمة ضبط المسارات وانضباط العلاقات الثنائية
مواءمة بين التصعيد الاردني والتهدئة السعودية والخيارات مفتوحة
وفد رفيع يرافق الملك الى السعودية واحياء الصندوق الاستثماري
الاردن لن يقبل منازعة من احد على وصايته وموقفه من القدس
دعم اوروبي للموقف الاردني وتركيا تدعم الوصاية الهاشمية
الانباط – قصي ادهم
لا يمكن الحسم بالاسباب التي دفعت عواصم عربية الى الانفتاح السريع على الاردن بعد موجة برودة في العلاقات الثنائية ومحاولات تجاهل للدور الاردني والقفز عنه بترتيبات غامضة مع صهر الرئيس الامريكي كوشنير ، الا زيارة الملك عبدالله الثاني الى انقرة ولقاء الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ثم الهاتف مع امير دولة قطر وآخرها تغريدته التي دعمت حراك الشارع الاردني وغضبته ضد قرار الرئيس الامريكي ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل سفارة بلاده اليها .
ويمكن قراءة ما يؤكد مثل هذا التحليل من قراءات الصحف العبرية التي استخفت كثيرا بردود الفعل العربية باستثناء الموقف الاردني ، فقد رأت صحيفة عبرية ، أن " السعادة الإسرائيلية والغضب الفلسطيني على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كانت محدودة ، وأن السبب في ذلك هو أن الجانبين يدركان أنه ليس للقرار أهمية عملية ، يمكنها تغيير الواقع على الأرض ، وعليه فلا شيء يستحق السعادة ، أو الموت من أجله" .
ورأى الكاتب رون بنبيشاي أن المكان الوحيد، في الواقع ، الذي شهد مظاهرةً كبرى كان العاصمة الأردنية عمان وقال إن " الملك عبد الله الثاني ، عرف كيف يدع شعبه ينفس عن غضبه بسبب القدس ، ونجح في ذلك بالفعل " وقال : " الملك الهاشمي أثبت مرة أخرى أنه يعرف ليس فقط كيف يتعامل مع الأزمات ، ولكن أيضاً توجيهها إذا لزم الأمر" .
الانفتاح برزت نتائجه سريعا على المسار الاردني السعودي الذي يعاني من برودة في مساراته منذ شهرين , بعد ان عاد الرئيس محمود عباس باشارات غامضة من الرياض اقلقت الاردن بخصوص الوصاية الهاشمية على القدس , فقد نُقل على لسان الرئيس عباس ان ولي العهد السعودي نصحه بقبول المشروع الامريكي الذي يتحدث عن دولة في غزة ومحافظات في الضفة الغربية وتوسيع محافظة القدس قبل تقسيمها من حدود ابو ديس والعيزرية مقابل دعم مالي غير مسبوق وولاية دولية على الاماكن المقدسة , مما يعني الاعتداء على الوصاية الهاشمية , وقد طالب عباس بخطاب مكتوب لعرضه على اللجنة المركزية لمنظمة التحرير مع ضمان الموافقة , لكن الامير السعودي تراجع عن خطاب النوايا الذي طلبه عباس .
العتب الاردني جرى القفز عنه , قبل ان ينتفض الاردن رسميا وشعبيا من اجل القدس , مما احرج كثيرا من العواصم العربية التي سبقها الاردن في ادارة الازمة بوعي استثنائي , كما قالت الصحافة الاسرائيلية التي تهاجم الاردن بشراسة اليوم بعد ان نجح الاردن في الحصول على دعم لمواقفه من المجموعة الاوروبية وتركيا التي للمرة الاولى تتحدث عن الدور الهاشمي بهذا الوضوح خلال القمة الاخيرة في انقرة , وكانت تلك الرسائل اكثر من مدوية لدول الاقليم التي اقتنعت بانها لن تتمكن من تجاوز الدور الاردني او القفز عنه رغم كل الاوجاع الاقتصادية والجيوسياسية التي يعاني منها الاردن .
القمة الثنائية في اجندتها المعلنة ستحمل ضرورة الدعم السعودي للدعوة الاردنية المتوقعة لعقد قمة استثنائية عربية في عمان وضرورة ان يكون التمثيل السعودي فيها رفيعا , كذلك دعم التصعيد الاردني الرسمي والشعبي ضد القرار الامريكي , لكنها تحمل داخل طياتها الكثير من الملفات الثنائية العالقة اهمها ان الاردن لن يقبل منازعة على دوره في القدس ولن يقبل ضغوطا لتخفيف حدة لهجته حيالها , وضرورة اعادة الحياة الى الصندوق السعودي الاردني بدليل حجم الوفد الاردني المشارك في القمة اليوم كما قال مصدر رفيع للانباط , التي كشفت ان القمة جاءت بعد تدخلات خارجية طلبت من السعودية الاستجابة للمطالب الاردنية .
احاديث القمة الثنائية متشعبة لكنها ستحمل توازنا بين التصعيد الاردني والتهدئة السعودية وستنعكس ايجابا على مجمل العلاقة الثنائية بعد فتح كل الملفات العالقة وضرورة التفهم السعودي للظروف الاردنية , بعد ان فتحت السعودية ملفات داخلية وخارجية ضخمة لا يستطيع الاردن التفاعل معها حسب المواصفات والمقاييس السعودية .