البحرين.. تطبيع تأباه"دلمون"
البحرين.. تطبيع تأباه"دلمون"
وليد حسني
لم تعد لدى البحرين القدرة على إخفاء حالة العشق الجميل بينها وبين دولة الإحتلال الصهيوني، ولا احد منا يستطيع نكران حالة العشق هذه بين الكيانين، لكن ان تصر البحرين على إرسال وفد من24 شخصية بحرينية في هذه الأوقات لزيارة الكيان الصهيوني، بل وزيارة القدس وغزة، فهذا ما لم يكن احد يحسب حسابه أبدا.
فضح الإسرائيليون تلك الزيارة وكشفوا بواطنها وتفاصيلها بتقارير تلقزيونية مصورة، وفضح المرابطون الفلسطينيون مجموعة هؤلاء الزوار بعد ان منعوهم من زيارة الأقصى تماما كما يمنعون المستوطنين من دخول المسجد الأقدس، وكذلك فعل الفلسطينيون في قطاع غزة فقد منعوا أشباه المستوطنين" البحرانيين" من الدخول الى أرض القطاع.
كان بامكان المنامة إرجاء تلك الزيارة في أسوأ الأحوال بالنسبة اليها، لكن أن يذهب الوفد الذي قيل انه يمثل جمعية "هذه هي البحرين" ولا يمثل الدولة، وفي مثل هذه الظروف فإن في الأمر أمرا، "ولا مخبأ لعطر بعد عرس" كما كانت العرب تقول.
نحن نعرف جيدا مسارات العلاقات المستامحة والأثيرة بين البحرين ودولة الإحتلال، ونعرف تماما جملة الاتصالات السرية والعلنية التي تقيمها المنامة مع اصدقائها المحتلين، ونعرف أيضا أن حالة العناق الإسرائيلي البحريني قاربت الوصول الى حد الإكتمال، ولا يبدو أن إرسال الوفد في هذه الظروف لزيارة الكيان المحتل غير عمل مقصود، يراد منه إعلان الدعم البحريني لدولة الإحتلال في قضم القدس، فضلا عن استهدافه لخلق مساحة من قياس ردات الفعل البحرينية المحلية لما يمكن أن تؤول اليه حالة الود الجميل بين الكيانين.
في السابق ظلت البحرين التي تعتبر الدولة العربية الأصغر مساحة وآخر الدول العربية تشكلا واستقلالا بمنأى عن أية علاقات محتملة مع اسرائيل، إلا أن مؤتمر مدريد وما تلاه منح المملكة البحرينية فرصة إعادة التفكيرفي بناء علاقاتها مع دولة الإحتلال لظنها أن "إسرائيل" ستجعل من المملكة الوليدة المهددة طول الوقت من أطماع ايران التوسعية في أمان مما يخبىء المستقبل لها من أقدار قد تلوكها تماما ــ لا قدر الله ــ.
ولا ادري ما الذي يجعل دولة بحجم ومكانة البحرين تتسارع للتطبيع مع دولة الإحتلال الصهيوني، إلا إذا كانت تؤمن بأن التقرب من دولة الإحتلال يعني الحصول على شريط أمان وواقي صدمات من أية اطماع او أخطار تهدد المملكة، ولربما هذا هو الذي دفع بالملك للمصادقة على قانون انتخاب برلماني منح لنفسه بموجبه تخصيص مقعد برلماني لليهود في مجلس النواب البحريني، فضلا عن الرعاية غير المحدودة لكنيس يهودي.
البحرين المملكة تملك تاريخا حضاريا مغرقا في القدم، ولها مكانتها التاريخية والجغرافية، لكنني لا أعرف على وجه اليقين إن كانت المملكة البحرينية قد عرفت تواجدا يهوديا في أراضيها على مدار التاريخ لتجعل من نفسها هذا الأوان جسرا للعبور اليهودي والإسرائيلي لأرض "دلمون" ثم الى باقي حواضر الجزيرة العربية أم لا.
ولا أدري كيف يمكنني التغاضي عن اسم الجمعية" هذه هي البحرين" التي أعلنت ان الوفد يمثلها، وبين البحرين الدولة والمملكة ، وفيما إذا كانت الدولة نفسها أرادت من وراء هذا الوفد وهذه الجمعية الإقرار بأن التغير في البحرين يحمل صورة المستقبل الذي ستنام "دلمون" فيه بحضن "إسرائيل ".
ولا يسعني هنا إلا التأكيد على أن مملكة البحرين أو مملكة"دلمون" أكثر عراقة وقوة من إسرائيل وتوراتها، فهي مملكة تمتد لنحو 5 الاف سنة في التاريخ، وظل شعبها عربيا عروبيا، وقبائله تمتد بجذور راسخة في عمق التاريخ الذي لم يستثنهم يوما من الحضور ومن قوة التأثير..//