وبدأ الضغط الامريكي على الاردن
خالد فخيدة
قلنا في مقالنا السابق ان الاردن سيتعرض لحجم ضغوطات هائلة من قبل الولايات المتحدة الامريكية بسبب موقفه الرافض لقرار رئيسها دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة لاسرائيل.
وما قرار المحكمة الجنائية الدولية مؤخرا باحالة الاردن الى مجلس الامن الدولي لعدم تعاونه فيما يتعلق بتنفيذ امر اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير الا ردة فعل امريكية وتحريضا صهيونيا صرفا على موقف القيادة الهاشمية وشعبها المشرف من " الجريمة " التي ارتكبها ترامب بحق الامتين الاسلامية والعربية في قبلتهم الاولى وثالث الحرمين الشريفين الذين يشدون الرحال اليهما.
ولتنشيط الذاكرة، الرئيس السوداني عمر البشير زار الاردن في منتصف شهر اذار الماضي للمشاركة في اعمال القمة العربية ال 28 التي التأمت في مركز الحسين للمؤتمرات على شاطىء البحر الميت.
والبشير صدرت بحقه مذكرتا توقيف من المحكمة الدولية عام 2009 و2010 بتهمة الابادة الجماعية وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في دارفور.
والأردن قانونيا لا يستطيع اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير والسبب ان سيادته يتمتع بالحصانة الدبلوماسية والدولية اثناء تلك الزيارة وفق ما نصت عليه المادة ١/٩٨ من وثيقة روما المؤسِسٓة للمحكمة الجنائية الدولية .
والدلالة القانونية لذلك ان البشير سبق وان قام بعدة زيارات لعدة دول بعد صدور مذكرة التوقيف بحقه منها تشاد عام ٢٠١٠ ، كينيا ٢٠١٠ ، جيبوتي ٢٠١١، كلاوي ٢٠١١ ، نيجيريا ٢٠١٣ ، السعودية ٢٠١٤ ، الامارات ٢٠١٥ ، مصر ٢٠١٤ .
والمحكمة الجنائية الدولية لم تقرر احالة اي من تلك الدول الى مجلس الأمن لان جميع هذه الدول كانت موقعة على وثيقة روما التي أسست المحكمة الجنائية الدولية مثل الاردن .
وعليه فان طلب المحكمة الجنائية الدولية مردود من الناحية القانونية لمخالفته لما جاء في بنود وثيقة روما.
والغريب ان الرئيس المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية زار العاصمة الروسية موسكو الشهر الماضي دون ان يصدر عن المحكمة الجنائية اي موقف ضدها.
والمراقب لما بعد رفع الولايات المتحدة الامريكية العقوبات عن السودان لاستجابته لمجموعة شروط وضعتها بهذا الخصوص يكتشف ان المحكمة الجنائية الدولية لم يصدر عنها اي ردة فعل على حركة الرئيس البشير خارج بلاده.
اما سياسة المكيالين في تعامل المحكمة الجنائية الدولية فهي لا تحتاج الى توضيح. ففي الوقت الذي تصدر فيه مذكرات الاعتقال بحق زعماء وشخصيات سياسية بتهم ارتكاب جرائم الحرب، يبرز السؤال الاهم، اين هذه المحكمة عن كل الجرائم التي ارتكبها المحتل الاسرائيلي الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني خلال العقود الثلاثة الماضية فقط وفي خضم تقدم عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين في تسعينيات القرن الماضي.
فهذه المحكمة رفضت ان تحاكم اسرائيل على تهمة اعتدائها على سفينة مرمرة التركية التي كانت متوجهة في تشرين ثاني عام 2014 لنصرة الفلسطينيين في غزة وقتلت عددا من الناشطين الانسانيين عنها، فأي عدالة يمكن ان تحققها للعالم حتى ترسي موازين السلم الاممي؟.
للاسف، تزامن قرار المحكمة الجنائية الدولية باحالة الاردن الى مجلس الامن الدولي لعدم تعاونه في تنفيذ امر اعتقال الرئيس السوداني اثناء مشاركته في القمة العربية مع موقفه الداعم لعروبة القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية ورفضه وادانته قرار ترامب احادي الجانب يؤكد انها مجرد اداة بيد الادارة الامريكية والحركة الصهيونية العالمية.
ومهما بلغت شدة الضغوطات الامريكية والصهيونية على الاردن لزحزحته قيد انملة عن موقف قيادته وشعبه تجاه القدس، فانها لن تنجح، والسبب باختصار " ان الاردن شوره من راسه".//