بعد 23 سنة ... معاهدة وادي عربة امام النواب

بعد 23 سنة ... معاهدة وادي عربة امام النواب

 

وليد حسني

لأول مرة يقرر مجلس النواب اعادة دراسة اتفاقية وادي عربة منذ مصادقة المجلس الثاني عشر عليها سنة 1994، تمهيدا لالغائها.

بدا القرار النيابي ــ النيابي في مكانه تماما، ثمة حاجة وطنية أردنية ماسة وملحة لإعادة وضع الاتفاقية على الطاولة البرلمانية لدراستها وتقييمها بعد مرور 23 سنة على توقيعها أقدمت سلطات الاحتلال خلالها على خرقها عشرات المرات.

الظروف السياسية مؤاتية تماما هذا الأوان لنفض الغبار عن تلك الاتفاقية التي وصفها النواب بــ"المهينة"، وقد لا يذهب المجلس في النهاية الى الغائها ــ وهو هدف نيابي معلن ــ إلا أن مجرد إخراجها لإعادة المناقشة والتقييم والتقدير مهمة حميدة ونبيلة نجح المجلس في إعادة توجيه الأضواء اليها.

بالأمس كان مجلس النواب في حالة تفوق سياسي على نفسه، فقد حضرت القدس بكامل بهائها، ولم يحرص النواب على محاذرة المحظور، ثمة خطاب سياسي مباشر تبلور تحت ظلال القدس التي كانت العنوان المفتوح في جلسة أعيد فيها استخدام كلمات على نحو المقاومة، والانتفاضة، والتلاحم..الخ.

تحدث النواب بكل شفافية عن رغبة صارخة بتجميد الاتفاقية والغائها، بل وذهب النواب الى المطالبة بالغاء اتفاقية الغاز، والأهم من ذلك كله ان خطابات العديد من النواب ذهبت للنبش في مواقف بعض الدول العربية التي وصفها البعض بانها التفاف على الأردن ودوره، فضلا عن صيغة الخطاب النيابي غير المسبوق تجاه الولايات المتحدة الأمريكية وسياسات ترامب.

اظهر مجلس النواب بالامس دورا مهما على صعيد الدبلوماسية البرلمانية في حثه البرلمانات الدولية للتحرك لمناصرة القضية الفلسطينية والقدس، هكذا اخذ المجلس موقعه في طليعة البرلمانات العربية نصرة للقدس وتصديا للانحياز الامريكي لدولة الاحتلال.

ما يواجه مجلس النواب الان ومستقبلا هو الى اي مدى يمكنه الوصول في مناقشة اتفاقية وادي عربه او حتى اتفاقية الغاز، وهل يملك المجلس الفسحة الكافية من السلطة لإلغاء اتفاقية وادي عربة او حتى تجميدها؟.

لا يبدو هذا السؤال عبثيا هنا، فقد اقر المجلس اعادة دراسة جميع الاتفاقيات والمعاهدات مع الكيان الصهيوني ومن بينها اتفاقية وادي عربه واحصاء الخروقات المرتكبة من الطرف الاخر حتى يصار لعرضها على مجلس النواب وتقديمها لاتخاذ قرار بشانها، مما يعني أن المجلس ألزم نفسه باتمام هذه المهمة على أكمل وجه، وهو ما يوجب عيه الالتزام بذلك التفويض الذي منحه النواب الى لجنته القانونية.

في قادمات الأيام سيبدأ مجلس النواب بتلقي الأسئلة عن مصير اعادة دراسة الاتفاقية، وما توصلت اللجنة القانونية اليه، وما هي التوصيات التي ستخرج بها، مما يوجب على المجلس وعلى لجنته القانونية الوفاء بكامل مطالب النواب التي وردت في التفويض البرلماني، وبغير ذلك فان المجلس سيتعرض لموجات تسونامي من النقد والتشكيك وهذا ما لا يرغب المجلس بالوصول اليه.