لست مع مذكرة النواب.. لماذا؟
لست مع مذكرة النواب.. لماذا؟
بلال العبويني
من المؤكد، أنني أرفض كغالبية الأردنيين اتفاقية وداي عربة الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي، وكل ما انبثق عنها، ومن المؤكد أننا الخاسرون من الاتفاقية ومن تطبيع العلاقات مع الاحتلال وأنه الرابح الوحيد وعلى كل المستويات.
لكنني، في المقابل لست مع المذكرة التي تقدم بها نواب لإعادة النظر في اتفاقية وادي عربة باتجاه إلغائها، تحديدا في هذا المفصل التاريخي الذي تشهده القضية الفلسطينية والقدس اهتماما رسميا وشعبيا منقطع النظير بعد قرار ترامب بالاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
قرار ترامب أجّج المشاعر الشعبية، وأعاد القضية الفلسطينية إلى مكانها الطبيعي على سلم الأولويات، باعتبار أن ما تتعرض له من تهديد وتهويد يستهدف الكرامة الوطنية الأردنية قبل الفلسطينية، وباعتبار أن القدس قضية سياسية أردنية داخلية بامتياز.
لذا، فإن المطلوب أن يظل الحراك الشعبي على ذات الوتيرة ليكون ظهرا وسندا للموقف الرسمي، وليظل محفزا للرسمي ليظل صلبا في موقفه في الدفاع عن القدس وضد أي مشاريع تصفوية للقضية الفلسطينية سواء أكانت تلك التصفية على حسابه أو على حساب هضم الحق الفلسطيني.
وبالتالي، فإن من شأن المذكرة أن تثبط من عزيمة الشارع عندما تجد طريقها إلى الفشل حالها كحال المذكرات السابقة التي وقع عليها نواب في مجالس نيابية سابقة ومنذ العام 1994.
في التاريخ القريب، وقّع نواب على إلغاء اتفاقية وداي عربة عندما استشهد القاضي رائد زعيتر، بل وجمعوأجمعوا
أجمعوا على طرد السفير الإسرائيلي من عمان وإغلاق السفارة، ولم ينجحوا في مسعاهم، بل جاء الرد الحكومي أن ذلك ليس من صلاحيات مجلس النواب.
بالتالي، فإن على مجلس النواب أن يكون مدركا لما يستطيع فعله وما لا يستطيع، وثمة ملفات بالإمكان الاشتغال عليها فيما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، ولعل تركيز الاهتمام بها أنجع للنواب وأسهل عليهم في تسجيل موقف وطني ستظل الأجيال اللاحقة تذكره لهم إن تمكنوا من تحقيقها.
ومن تلك، الضغط للابقاء على حالة التخفيض الدبلوماسي بين الأردن والاحتلال ودعم الموقف الرسمي فيما تعلق بحادثة السفارة وإضافة شروط جديدة للشروط التي تقدمت بها الحكومة من مثل إطلاق سراح أسرى أردنيين وغيره من شروط.
الضغط على الحكومة لإلغاء اتفاقية الغاز الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي والتي لا تصب في صالح الأردن مطلقا كما تحدث الكثير من السياسيين والمختصين حيال ذلك.
إعادة النظر في اتفاقية قناة البحرين، وإيجاد الطرق المثلى التي تضمن أن ننفذ الاتفاقية لوحدنا أو بالمشاركة مع السلطة الفلسطينية فقط ودون أن يكون الاحتلال طرفا فيها، والبحث بشكل جاد وعملي عن ممولين لتمويل التكلفة.
العمل والضغط باتجاه أن تتعامل الحكومة مع ممارسات الاحتلال الإسرائيلي تعامل الند، والعمل على بناء تحالفات سياسية دولية جديدة من شأنها أن تكون داعما وسندا للأردن في المفاصل الحساسة كالتي نمر بها في الوقت الراهن، وليس بالضرورة أن تكون هذه التحالفات الجديدة بديلا عن التحالفات القائمة.
بعض ما ذكرنا يمكن التحقيق، ويمكن أن يكون مقدمة لإعادة النظر باتفاقية وادي عربة برمتها، أما الذهاب بعيدا باتجاه إلغاء الاتفاقية من أساسها في الوقت الراهن فليس في الوارد أن يرى النجاح، وبالتالي فإن من شأن المذكرة أن تؤدي مفعولا عكسيا في تثبيط الشارع عندما ينزل النواب عن الشجرة من دون ثمار.//