الظهير الوطني ... إلتقاط اللحظة

الظهير الوطني ... إلتقاط اللحظة

عامر الحباشنة

مع القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، القرار الذي جاء وعدا انتخابيا للرئيس ترامب واستكمالا لقرار سابق للكونجرس الأمريكي  في ثمانينيات القرن الماضي لم يجرؤ أحدا من الرؤساء السابقين على إتخاذه ، وها هو الرئيس الحالي يتجرأ باتخاذه دون سابقيه.. ولهذا القرار من حيث التوقيت اسباب داخليه امريكيه وكذلك أسباب تتعلق بتهيئة المناخ الإقليمي العربي بدأ من خروج عواصمه الكبرى من دائرة الفعل كدمشق وبغداد وتبدل أولويات أخرى كالقاهرة والرياض، هذا بالإضافة للسنوات العشر العجاف من حالة الانقسام في الداخل الفلسطيني حول البرنامج الوطني للمواجهة. 
هذا كله خلق وأسس للقرار الأمريكي في رهان على الواقع والتشتت العربي والاستقطاب الإقليمي وتبدل أولويات الصراع لدى البعض.. ونحن في الاردن لسنا بمعزل عن التأثر بهذه التبدلات ففي الماضي وحتى وقت ليس ببعيد كان الاردن الرسمي ومع انه في محور "الاعتدال" والواقعية والصف الأمريكي تقليديا ، إلا أن هامش المناورة كان اوسع ويسمح بالحركة بوجود الظهير العربي المساند وبوجود العنوان الوطني الفلسطيني الموحد  حتى مع تفاوت وجهات النظر وكلاهما غائب الأن. 
اما وقد انكفا الجميع لشأنه وبدأ ان البعض يسابق الزمن للقبول بدور الوسيط والحليف وضابط الإيقاع مع استعداد للقيام بالادوار دونما ضوابط، تسابق ينافس الأردن على ما لديه من هامش مناوره وليس توسيع هوامشه، مع هذا الحال بدأ أن الحل على حسابنا اصبح ناضجا في خيال الكثيرين ولهم من الحجج والروايات ليحتجو بها ويروها. 
فالتطبيع المجاني التطوعي جاهز ومشروع القرن جاهز  ومشروع التجزئة للحلول أصبح مقبولا دون مشورتنا ودون الالتفات لما نقول.. فمن ترك بغداد وهانت عليه دمشق لا تعنيه عمان ولا تهمه القدس. 
لذلك ولأن الطبخة اصبحت في الأذهان والمتطوعين لتقديمها كثر،  فإن الضغط على الأردن  اصبح أكثر إلحاحا وسيزداد في قادم الايام ، ضغطا أمريكيا وإسرائيليا وعربيا  لتمرير المشروعوعلى حسابنا.. وهذا يتطلب إعادة تقييم حقيقية للواقع ولادوار الأطراف على ارضية المصلحة الوطنية المرتبطة جذريا بمستقبل القضية الفلسطينية. 
ففي جمعة التضامن مع القدس واستنكار القرار الأمريكي لاحظ الجميع حجم التلاحم بين الشعبي والرسمي، وهذا بالتأكيد يؤشر بان الجميع يستشعر الخطر المقبل ، فالرسمي الأردني واقع بين سندان الهوى والطموح والتوجه الشعبي وبين مطرقة الإقليم الضاغطة والقاسيه.، وبين زيادة الهوة مع نبض الشارع وبين ضغط الإقليم اقتصاديا وسياسيا تصبح معادلة الرسمي الأردني حساسه بل وأكثر حساسيه من أي وقت مضى، فقد حان الوقت لكثير من الاجوبة والاستحقاقات. 
هذا الأمر يتطلب الإسراع ببرنامج عمل وطني جامع  وخطة طواريء لتجاوز العاصفه الترامبيه الصهيونيه للتصفية على حسابنا ودون حتى مشورتنا في مشروع القرن الوهمي. 
وهذه الخطة تتطلب إلتقاط الإشارة جيدا بعيدا عن النهج التقليدي،  وما ذكره جلالة الملك في تغريدته الأخيرة عند الاشادة والإشارة للموقف الشعبي في التعامل مع قضية القدس كاف كأساس ليلتقط الجميع الاشاره والتقدم خطوات، والأمر مناط بالحكومة من جهة لتقديم برنامج فعل وطني جريء وصريح والتقدم خطوات باتجاة مكاشفه سياسيه وشعبيه بمفهوم البحث عن الشراكة ، ومن الجهة الأخرى القوى السياسيه مطلوب منها تقديم برنامج وطني جامع يقبل التطبيق... 
كلا الخطوتين يشكلان في نهاية المطاف ظهيرا رسميا وشعبيا لصاحب القرار، عندها وفقط يمكن إتخاذ القرار والمناورة في مرحلة دقيقة من عمر المنطقة تحكمها المصالح لا المبادئ ويتحكم بها نفوذ القوى الباحثة عن التابعين لا الحلفاء .
ولله الأمر من قبل ومن بعد.