السلطة التشريعية .. البوصلة المفقودة وحراث البعارين

السلطة التشريعية .. البوصلة المفقودة وحراث البعارين

 

عامر الحباشنة

 

في المقال السابق تم التطرق للسلطة التنفيذية وإشكالية غياب الرواية المقنعة لما يواجهه الوطن وتعدد الرغبات وذلك ما يعرقل اي محاولة للتقدم حتى لو توافرت وصدقت النوايا التي لا يشك بها على المستوى الفردي لكثير من الطاقم التنفيذي بمن فيهم دولة الرئيس الذي عرفته عن قرب، لكن غياب التكامليه وحضور الاستقطاب يعيق التقدم وعندها لا تكفي النوايا الحسنة.

التكامليه التي اعني هنا هي تكاملية مشهد ورتابة الجهاز الحكومي على رواية واحدة للحدث وكذلك التكاملية مع السلطة التشريعيه المتمثلة بمجلس الامة بشقيه، نوابا منتخبين واعيانا معينين، وهنا يأتي السؤال عن حقيقة فعالية مجلس النواب والأعيان في اكمال المشهد وتعبئة الفراغ وترشيده.

الواقع يشير الى أننا نملك نوابا أفرادا وليس مجلس نواب، وما يظهر من تكتلات ومسميات لا يتجاوز تحالفات مصلحيه ومرحليه لا يجمعها ثابت(استثني كتلة الإصلاح بشكل ما)، وهذا النهج الفردي نعرف انه ناتج عن طبيعة القانون الذي افرز المجلس ، وهذا بالنتيجة يعاكس الحد الأدنى من متطلبات العمل النيابي الواجب أن يتوفر فيه شيئا من التكتل البرامجي والفكري.

وهذا التوصيف قد ينسحب على مجلس الاعيان الذي لا يجمع أعضاءه باغلبهم سوى أنهم جزء ممن مارسوا السلطة التنفيذية ويخبرون دهاليزها، لذلك نشعر أحيانا أنهم أكثر انضباطا.

هذه الحالة النيابية بنزعتها الفرديه في العمل وما يرافقها من مصلحيه، ستبقى عاجزه عن أداء الدور المناط بها ولن تستطيع المواجهة إذا تطلب الأمر ذلك، لذلك لن يتجاوز الأداء النيابي طفرات غير ممنهجة لا تمتلك مقومات الحياة، وهذا بالنتيجة يعيقها ويغرقها في تفاصيل الحكومات ومتطلبات التشريع المتسارعة، وبشكل وآخر هي وأقصد السلطة التشريعيه تعيق حركة الحكومة عندما لا تقدم بدائل لما تطرحه، ففي الأصل يرتكز دور النواب في ضبط الأداء الحكومي من خلال الرقابه والتشريع، وهذا ما لا يتوفر في هذه المرحلة.

ولذلك نجد أن بوصلة مجلس النواب تائهه وإنجازاته الفرديه تحرثها أيضا الفرديه من الطرف الآخر، وهذا ما يجعل الثقة بالأداء النيابي في أدنى مستوياته،

أخيرا، ما لم يسد الخطاب الجامع بدلا من الخطاب السابح أو الجامح، وما لم تتكامل العلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية على مبدأ الفريق الواحد بمهام مختلفه، فإننا سنبقى نكرر انفسنا ونزيد من حالة الافتراق بين خطابات النواب و خطاب الشارع الموحد تحت ضغط الظروف الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن مفاعيل الداخل وتأثيرات الإقليم، وهذه الحالة لا تخدم الجميع، فمن مصلحة الجميع أن يمتلك النواب موقفا ورواية متفق عليها بإطار يمتلك حد برامجي مقبول وهذا يخدمهم ويخدم الحكومة في مخاطتبهم للوصول لحلول عمليه وعلميه لما نواجه وهو في النهاية ما يخدم الجمهور.

ولله الأمر من قبل ومن بعد.//