السيدة الأكثر تهذيبا والرجل البرتقالي

السيدة الأكثر تهذيبا والرجل البرتقالي

وليد حسني

الرئيس لأحمر ترامب سينقل سفارة امبراطوريته الى القدس، ونحن العرب سنقن الفرجة تماما، سنغضب قليلا مثل زوجة تغاضب زوجها فتحمل "شراميحها" الى بيت والدها، وبعد ثلاثة ايام في الحد الأعلى تصبح أكثر تحنانا وحبا وتبذل من صفات التسامح مع الزوج ما لا يتقن فعله القديسون والمثاليون الحالمون، ثم تعود لعش الزوج كانها عروس تجلت في ليلة مقمرة .

ترامب السيد الأحمر يتقن تماما مهمة الزوج الأرعن، ونحن نتقن دور الزوجة اللعوب، وبالنتيجة فالذي يهمنا رضا الزوج وتفانيه في الخدمة واتقانه حركات الإعراب، ولتذهب باقي التفاصيل الى الجحيم.

وفي الأول والتالي فان القدس لا تعنينا كثيرا، فهي ملك تاريخي لأبناء العمومة، وهم أهلها التاريخيون فلماذا نتعب أنفسنا في تنازع الملكية التاريخية على مجموعة حجارة بلغت من العمر عتيا.، أليس هذا ما كان يقوله  البعض في سر أسرارهم سابقا، وليس لديهم ادنى تردد على البوح به علنا في قابلات الأيام.

نحن العرب لا علاقة لنا بالقدس، وإذا مددنا مسطرة الاهتمام والتقييم فان كل العواصم والمدن التاريخية لم تعد ذات جدوى في عصر العولمة والمال، فبغداد تركناها كزاوية منفرجة تطاها أقدام الغزاة وبساطيرهم حتى هذه اللحظة، وكذلك الحال سابقا مع بيروت، والان في صنعاء ودمشق، والقدس بطبيعة الحال.

القدس مجرد بضعة مواقع اثرية ومسجد يمكن التخلي عنها جميعها في سبيل السلام الجميل مع أبناء "إسرائيل"، وفي سبيل تبادل المصالح بين معظم اليكانات السياسية غير الشرعية في المنطقة والإقليم واسرائيل بطبيعة الحال في مقدمتها.

والرئيس الأحمر ليس لديه ما يخشاه من الحلفاء والوكلاء، فالرجل في الأول والتالي يخدم مصالح امبراطوريته، والوكلاء الذي يعملون في جوقته ليس لديهم ما يثنيهم عن طاعة ولي الأمر، هكذا تصبح المعادلة مستقرة تماما بتساوي معطيات معادلة البسط والمقام في كل ما يتعلق بفلسطين وبالقدس وبشعب كامل اصبح أكثر شعوب الأرض خبرة في الموت والقتل واللجوء من قبل المحتل الاسرائيلي ومن قبل الداعم الأمريكي ومن قبل وكلائه الأكثر التزاما بخدمة السيد الأحمر وامبراطوريته العظيمة.

الأمريكيون هذا الأوان اعلنوا ان السيد الأحمر او البرتقالي ارجأ التفكير في قضية القدس ومصيرها وبوصلة توجهاته العاطفية تجاهها، قال المتحدثون باسمه انه أجل ذلك، ولم يقولوا بالطبع ان شعر بالخوف من اساطيل العرب اذا ما تحركت في البحر الأسود وقررت معاقبة الإمبراطورية واسيد البرتقالي في حال قرر مد يده لملامسة جسد السيدة القدس  الأكثر تهذيبا من بين المدن في هذا الكون العريض.

نحن العرب نتقن التفاخر، والتنافخ، وهذا ما يجعل معظم منتجنا الثقافي والتاريخي مجرد حفنات من الأكاذيب، ومن بينها بالطبع حين يكون حديثنا عن القدس ومكانتها في قلوبنا..الخ.