إضعاف الروح الوطنيــة

 أنس الطراونه

 

على ما يبدو أن الشعب الأردني هو أكثر الشعوب العالم وطنية , لانه ضمن الشعوب النادرة التي تُضطهد إقتصادياً وسياسياً وإعلامياً من حكومتها ومازال مؤشر الوطنيه لديها عالياً , وعلى ما يبدو أن حب الأردنيين وثقتهم بالقيادة العليا هو ما يدفعهم للتأمل بغد أفضل .

لكن لكل مشروع ولكل استراتيجية ولكل توجه بدايه ونهاية , فعلى ما يبدو أن الحكومة الأردنية لا تنظر إلى هموم الشارع والمواطن الأردني بعمق , كما أنها تعاني من حاله ترهل وبطئ حاد في تنفيذ رؤية جلالة الملك بورقاته النقاشية الأخيرة , لأن هذه الأوراق هي من ترسم الطبيعة الإستراتيجية للتوائم ما بين الشعب والدولة الأردنية .

في حقيقة الأمر , الإصلاح السياسي الأردني من قبل الحكومة الأردنية بعيداً جداً عن المصطلح , لان الحكومة ما زالت لا تستطيع فتح وإنشاء منافذ وموارد جديدة للوطن والمواطن , بل ما زالت تعتمد على الشعب ومقدراته بأنه هو المورد الوحيد لها , من خلال فرض الضرائب والتنكيل بجيب المواطن والتعويل عليه على أنه هو أساس سد هذه الثغرات الإقتصادية الكبيرة للدوله!!

لكن الأسوأ في هذه التوجهات هو الذهاب إلى رمزية الفترة الزمنية التي تبحث بها الدوله برفع الأسعار وتحديداً المشتقات النفطية " بفصل الشتاء" . فهذا شيء لايمكن أن يحدث بين دوله ورعاياها , فهذه الحاله لايمكن تسميتها إلا بإطار الإنتقام الإقتصادي , وهذا شيء لايمكن أن يحدث في دوله حديثة ديمقراطية تبحث لها عن موطئ قدم ضمن سياستها الخارجية , لانه لايمكن لك أن تتصدر المشهد وتكون فعّال في السياسة خارجياً إن لم يكن بيتك الداخلي منظم وأمن اقتصاديا وسياسياً.

من زاوية أخرى إيجابية في هذا الموضوع, ومن باب الإطلاع للجانب الممتلئ من الكأس , سنجد أن الشعب الأردني هو شعب وطني بامتياز مهما تعثرت به الظروف , ومهما توذاقت به السُبل داخل بيته الأردني . لكن أتمنى من الحكومة الأردنية أن تنظر لهذا العامل "الوطني" بأنه عامل مساعد لها وليس نقطة ضعف تستغل بها فرض قراراتها المجحفة على الشارع الأردني , لان الفرضية الأخيرة من قبل الحكومة  إن استمرت بهذا الشكل ,  سيتشكل عنها يوما ما مُناخ بارد في روح الوطنية , مما يؤدي إلا فرضيات سلبية أخرى وأعقد لا يمكن السيطرة عليها.

المطلوب اليوم أن نبحث جميعنا بكافة أشكالنا سواء أفراد أو مؤسسات عن أي منفذ يبعث ويزيد بالروح الوطنية لدى المواطن , لان المؤشرات التي نقرأها من خلال دراسات استقصائية – ميدانية تقول عكس ذلك . لا ننكر أن هنالك مؤسسات بالدولة الأردنية ما زالت تنتهج النهج الصحيح في مسيرة الإصلاح الأردني , ومن أهمها المؤسسة الأمنية التي كسبت حب وثقة المواطن الأردني , حيث بعثت ذلك من خلال إنجازها على الأرض وفرض الأمن والأمان إلى حد كبير , لذلك نتمنى من كافة مؤسسات الدولة وأفرادها أن تنتهج هذا النهج وتكسب ثقة المواطن وتعيد المصالحه بينها وبين الجماهير الأردنية قبل فوات الأوان وتشكل حالة اضعاف الروح الوطنية .