أزمة النظام السوري

أزمة النظام السوري

 

 

مروان العمد

 

وبعد ان أخذ النظام يترنح من ضربات المعارضة وبعد ان أخذ يفقد المزيد من الارض فأنه قد قام بعقد تحالفات تسانده في قتاله مع المعارضة . وهو هنا لم يبحث عن عمقه القومي العربي كحامل لواء هذا العمق من خلال حزب البعث العربي الاشتراكي او من خلال عمق الممانعة والصمود الذي يرفع لواءه ، بل وللأسف فقد ذهب الى عمق مذهبي ديني فبحث عن المساندة في طهران وبغداد حيث زودته طهران بحرسها الثوري وفيلق القدس وجنراله قاسم سليماني ، وحيث زودته بغداد بمليشيات حشدها الشعبي الشيعي ، بالإضافة للتدخل المباشر من حزب الله اللبناني والعديد من المتطوعين الشيعة من مختلف أماكن تواجدهم في العالم ، مما رهن الامر السوري السياسي والعسكري للمرجعية الدينية في قم وطهران الى ان أصبحت سورية ولاية من ولايات الولي الفقيه .

 

كما ان النظام في سورية ألقى بنفسه في الحضن الروسي الذي انطلق من قاعده حيميم ومن اللاذقية للدفاع عن مصالحه وتواجده في المنطقة بعد ان تعرض للخديعة الغربية في مناطق أخرى. وليبقى بالقرب من مخزون الغاز الطبيعي في باطن البحر الأبيض المتوسط خشية وقوعه في يد الغرب فتفقد روسيا ورقه هامه من أوراق سيطرتها على منطقه القرم وما حولها من خلال قوه أنبوب غازها هناك. وقامت روسيا بتقديم الدعم العسكري والسياسي والدولي للنظام مما ساعده على الثبات في مواقعه ثم العودة للتمدد واسترداد الكثير من المناطق التي كان قد خسرها. ولكن كان على سورية ان تسلم رايتها السياسية والدولية لروسيا فأصبحت هي التي تفاوض باسمها وهي التي تقرر باسمها. فهي تحدد اتفاقات وقف إطلاق النار ومناطق التهدئة والتصعيد وسير المعارك والتحالفات تم سير المفاوضات وأماكنها وأطرافها . فهي صاحبة القول في مفاوضات جنيف وهي التي أوجدت مسار استانا لعزل الجانب العسكري للمعارضة عن المسار السياسي في جنيف . ثم طرحت فكره عقد اجتماع لكافة فصائل المعارضة في قاعدة حميميم ثم تحول اللقاء الى مدينه سوتشي الروسية على البحر الأسود .

ثم كان الموقف التركي الذي كان هو الداعم الرسمي والاكبر للمعارضة السورية بجميع تنظيماتها وكانت حدوده المعبر الرسمي لجميع التنظيمات في سورية بما فيها الإرهابية وبالاتجاهين . وهي المعبر الرسمي للأسلحة والتموين لهذه التنظيمات . وكانت النظرة الاولى لهذا الموقف التركي هو رغبته في الانتقام من النظام السوري لدعمه عبدالله اوجلان وحزب للعمال الكردستاني وحلم أردوغان في إعادة امجاد الإمبراطورية العثمانية ليتضح فيما بعد ان ما كان يسعى اليه هو زيادة نفوذه في المنطقة عن طريق الورقة السورية الى ان تمكن من تصفية جميع اعدائه الداخليين من عسكريين وسياسيين باتهامهم بانقلاب طفولي فاشل . والى ان تمكن من تحقيق حلمه لأن يصبح الحاكم بأمره المطلق الصلاحية من خلال إقرار التعديلات الدستورية التي تتيح له القيام بهذه الهمه لسنوات عديدة قادمة . وعندها تغيرت أولوياته وأصبح همه ان يلجم الخطر الكردي القادم اليه عبر الحدود السورية ومن خلال حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ( YPD ) ووحدات حمايه الشعب الكردي (YpG ) وقوات سورية الديمقراطية والدعم الامريكي لهما . فقام بتغيير بوصلته وانضم للحلف الروسي الإيراني ليصبح هذا الثلاثي هم من يقررون المستقبل السوري متخلياً عن دعمه للمعارضة السورية مقتصرا بذلك على قوات درع الفرات المكونة في معظمها من المكون التركماني بالإضافة الى بعض وحدات الجيش الحر مع استخدام ورقه تنظيم النصرة الذي نجح في جمعها بمحافظه أدلب لتكون الورقة التي يقايض بها مقابل وقف الدعم الامريكي لأكراد سورية واعتبار قواتهم تنظيمات ارهابيه وامتداداً لحزب العمال الكردستاني (PKK ) .

وفِي خضم ذلك كله أعلن عن عقد لقاء ثلاثي يجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي طيب رجب أردوغان والرئيس الإيراني محمد خاتمي والعنوان واحد وهو الوضع في سورية والهدف وضع الخطوط العريضة لحل الأزمة السورية في غياب العريس والعروس وذويهما واقاربهما ومن يديرون شؤنهما وجميع الشهود . وكان مكان الاجتماع المزمع عقده بتاريخ ٢٢ تشرين الثاني عام ٢٠١٧ في مدينه سوتشي الروسية الواقعة على البحر الاسود تمهيداً لعقد مؤتمر موسع يجمع جميع أطياف المعارضة السورية مع النظام في هذه المدينة بوقت لاحق يتم فيه تسويه الأوضاع وتوزيع الارزاق. وعن سوتشي واجتماعاتها وما بعدها حديث آخر.