خطاب الكراهية في تقرير عربي صادم
خطاب الكراهية في تقرير عربي صادم
وليد حسني
كل من يطلع على نتائج الاستبيان الذي نفذه مرصد الاعلام في الشرق الاوسط وشمال افريقيا حول خطاب الكراهية في 6 دول عربية هي الاردن، المغرب، الجزائر، العراق، تونس ، ومصر، وبمشاركة 610 صحفيين وصحفيات عرب سيشعر بالصدمة من هول النتائج التي تتجلى امامه.
وبالرغم من أنني أعمل في هذا الحقل منذ سنوات مضت، وكنت قبل أشهر قليلة في تونس وبدعوة من الزملاء في الشبكة نفسها مشاركا في وضع مسطرة عربية موحدة لقياس خطاب الكراهية في الإعلام، إلا أنني شعرت بالخوف من مجمل تلك المعطيات بالرغم من أنها ليست جديدة تماما، وتكاد تتوافق مع معظم نتائج الرصد لخطاب الكراهية سواء تلك التي أنجزتها أو تلك التي أنجزها زملاء آخرون في الأردن وفي دول عربية شقيقة.
قرأت نتائج الدراسة مرتين متتاليتين، بل واستجبت لدعوة مشكورة من زملاء لي في الهيئة الأردنية باعتبارها عضوا في المرصد لعرض النتائج ومناقشتها مع عدد من الزملاء، إلا أنني لم أتخلص من الخوف الذي رافقني من تلك النتائج في القراءة الأولى.
قد أكون من القلة الذين توقعوا مبكرا انتشار خطاب الكراهية في الإعلام وتحديدا في وسائل التواصل الإجتماعي وهو ما كنت حذرت منه في كتابي" إني أكرهك.. خطاب الكراهية والطائفية في إعلام الربيع العربي" الصادر عن مركز حماية وحرية الصحفيين مطلع سنة 2015، إلا أن مسألة الرقابة على محتوى المنصات الإجتماعية او على شبكة الانترنت لا تزال بحاجة لإعادة تقييم شاملة لتحديد مدى العدوان الذي يمكن ان تتعرض له حرية الرأي والتعبير، وهي الإشكالية التي لا تزال مثار جدل بين أنصار الحرية وانصارالرقابة لغايات حماية حقوق الآخرين.
بعض الارقام الواردة في نتائج الاستبيان يمكنها ان توضح حجم الكارثة التي ينتجها خطاب الكراهية على كافة الصعد، لكن المشكلة كيف يمكن المزاوجة بين حماية حرية التعبير باعتباره الحق الانساني المقدس، وبين حماية المجتمع من خطاب الكراهية، خاصة وان الفارق بينهما لا يكاد يبين.
إن 95 % من الصحفيين والاعلاميين العرب المستجيبين يؤكدون على ان خطاب الكراهية عامل خراب اجتماعي، وذات النسبة يعتقدون ان هذا الخطاب يشجع على التشدد والارهاب، ويهدد الآقليات.
ويرى 92% أن خطاب الكراهية يخدم الفساد، و96% يرون انه يغذي عسكرة المجتمع والعنف، و93% يرون انه يهدد الفئات الهشة والمهمشة في المجتمع، و85% يعقدون انه يؤدي الى فشل التنمية والتعليم، و82% يؤكدون انه يؤثر سلبا على قيم المواطنة، و91 % يرون انه يعمق ويعقد الأزمات الداخلية.
أما الجهات المنتجة والمصدرة لخطاب الكراهية حسب المستجيبين فان 51% يعتقدون ان الأحزاب تنتج وتسوق خطاب الكراهية، و40% يعتقدون ان المؤسسات الدينية مسؤولة عن انتاج وتسويق خطاب الكراهية.
وبحسب المستجيبين من الاعلاميات والإعلاميين العرب فان الجهات الأخرى التي تنتج خطاب الكراهية تتمثل في 43 % لرموز الطبقة السياسية، و65% لرجال الأعمال والمال، و68 % للجماعات الإرهابية، و51% للجهات الأمنية، و54 % للخطاب الاعلامي الخارجي، و79% للصحفيين، و82% لرؤساء التحرير، و78% لمالكي المؤسسات الاعلامية، و74 % للنظم السياسية الحاكمة، و77 % لضعف التشريعات، و84% للسياسيين.
هذه المعطيات توجب التوقف عندها مليا تحليلا ودراسة، لعلها تساعد في دخولنا جميعا لعيادة العلاج من خطاب الكراهية ولكن ليس على طريقة الحكومة في تعديلاتها على قانون الجرائم الإلكترونية التي تنتهك الحق بحرية الرأي والتعبير تحت ستار حماية الحياة الخاصة للاخرين وللمجتمع.
لربما غدا او بعد غد ستعقد ورشة حوارية حول خطاب الكراهية في مجمع النقابات المهنية، وبالرغم من أهمية مثل هذه الحوارات إلا أنها تحتاج منا جميعا لوقفة نعلن فيها التزامنا الأخلاقي والقانوني والانساني بمحاربة خطاب الكراهية دون تردد وفضح منتجيه ومسوقيه أيا تكن شخوصهم وهوياتهم، في الوقت الذي يتوجب علينا فيه الإعلان عن انحيازنا لصون حرية الرأي والتعبير.
قد يكون لدي الكثير من الملاحظات على بنية الدراسة واسئلة الاستبيان والنتائج وغيرها من الملاحظات إلا أن الدراسة تمثل بالنسبة لي حالة قرع الجرس المتكررة إلا أن الإستجابة لا تزال أضعف من أن تشيع ثقافة المحبة والتسامح..
وتلك مشكلتنا المقبلة..!!.//