التحول التنظيمي للجماعات الإرهابية .. حادثة الروضة نموذجاً

التحول التنظيمي للجماعات الإرهابية .. حادثة الروضة نموذجاً

بلال الذنيبات

       إنّ الناظرَ للحادثِ الإرهابي الجبّان و الذي وقع شمالي سيناء في الجمهورية العربية المصرية يوم أول من أمس الجمعة يجدُ تحولاً خطيراً في العمليات الإرهابية من مرحلة المكاسب الرمزية المرتفعة بنيوياً في المجتمع و الذي كانت المنظمات الارهابية تعمل عليه من خلال ضرب المنشات العسكرية و المناطق المدنية المعروفة كالإسكندرية و القاهرة و العريش كمناطق مركزية ، إلى مرحلة المكاسب الشمولية و التي تسعى لتحقيق أكبر فائدة إعلامية مقابل الحد الأدنى من المكاسب الرمزية بالمكان من خلال التوجه لضرب دور العبادة في المناطق النائية و قطع الطريق على قوافل الغلل الزراعية في الأرياف كونها مناطق بعيدة إلى حدٍ ما و غالباً بعيدة عن السيطرة الأمنية.

     إن هذا التحول الموجود في الدول العربية و خاصة مصر  تستعمله المنظمات عندما تصل لمرحلة عنق الزجاجة مما يعني أنه و نتيجة الجهود المبذولة أمنياً في مصر العزيزة وصلت التنظيمات الارهابية الداعشية في صحراء سيناء الى عنق الزجاجة نتيجة الضغط الامني عليها.

   إلا أن داعش كتنظيم و نتيجة خساراته المتلاحقة في العراق و سوريا و إنتهائه جغرافياً في العراق تحديداً ، سيدفع فلول ذالك التنظيم و من خلال أساليب متعددة الى التحول الى سياسة النزع الأخير و هي تحقيق الفائدة الإعلامية و الإبقاء الى حدٍ ما على الرعب الداعشي من خلال ضرب مناطق الأطراف و البعيدة غالباً عن السيطرة و هذا ما حصل في بلدة الروضة الواقعة على بعد 15كم عن مدينة العريش على الطريق الدولي مما يعني أن تلك المنطقة ليست هدفاً تقليدياً لتلك الجماعات بالنسبة للسلطة مما يجعل الذئاب المنفردة و الشلل المبثوثة في الدول مثل مصر تستغل ذلك لتحقيق أكبر مكسب إعلامي بأقل كلفة مخاطرة و هذا ما حصل الجمعة في بلدة الروضة و قبلها مهاجمة قوافل المزارعين في شمال سيناء.

    إن ذالك يتطلب من الأجهزة الأمنية تغيير سياسة حماية المراكز الحيوية و توسيع إنتشار الحماية الى المناطق الهامشية و التي هي الآن باتت تستهدف من تلك الجماعات مع عدم إغفال أهمية حماية المراكز الحيوية في سبيل منع حصول تحول معاكس.

        إن الناظر اليوم للعمليات الارهابية الاخيرة يكتشف أن تلك التنظيمات بات لا يهمها من تستهدف أو آلية الاستهداف أو حتى حجم الخسائر في الأرواح في حين أنها تسعى و من خلال نشاطها البقاء إعلامياً و خاصة أن أجهزتها الإعلامية و وفق تقرير صحفي نشر حديثاً باتت ضعيفة و المكانة الإعلامية باتت أقل قدرة على النشر نتيجة الجهود الدولية المبذولة و التي صبت في إضعاف الماكنة الإعلامية لتلك التنظيمات و باتت "تلفظ أنفاسها الأخيرة" من خلال عمليات تنفذها شلل في مناطق النزاعات في العراق و سورية و المناطق البعيدة كشمال سيناء و الصحراء الليبية ، في حين أن ظاهرة الذئاب المنفردة هي السائدة في المناطق الأكثر إكتظاظاً و التي لا تحتاج لترتيبات لوجستية معينة مثلاً حوادث الطعن و إطلاق النار العشوائي في الشوارع الرئيسة و التجمعات الكثيفة.

        هذه التحولات البرغماتية من التوسع الجغرافي الى التأثير الإعلامي باتَ بحاجةٍ للمجابهة بتحصين المواقع كدور العبادة و المرافق الحيوية و حتى تلك المرافق العامة الموجودة في المناطق الهامشية و عدم الإبقاء على الحضور الأمني محصوراٌ في المناطق الحيوية مع أهمية ذالك بل زيادة الحضور الامني في المناطق البعيدة و توظيف تقنيات الطيران لمراقبة المناطق الهامشية.

     وذلك سيسهم في تخفيف المخاطر الامنية في المناطق الهامشية و جعلها بيئات غير صديقة للشلل المتطرفة او الارهابية مما يسهم في تقويض المخاطر و ضبط الشلل الارهابية.//