التضامن العربي لا يسير في الاتجاهين

 

التضامن العربي لا يسير في الاتجاهين

بلال العبويني

لا اتفاق بين دول العرب على أولويات المواجهة مع ما يُفترض أنها تحديات مشتركة، فالجميع يدفع بأن تكون البداية من عنده لمواجهة ما يعتقد أنه الخطر الأبرز الذي يتهدده.

وخير دليل على ذلك التحالف الإسلامي، الذي رأت فيه دول أن الأولوية تكمن في محاربة الحوثيين في حين أن دولا أخرى في التحالف رأت أن الأولوية في محاربة داعش

مناسبة ما تقدم، هو اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي انعقد مؤخرا في القاهرة لتكوين موقف عربي صارم تجاه إيران وإدانة ممارساتها في المنطقة من ناحية نفوذها وتدخلها في شؤون داخلية لدول عربية.

وهذا يدفع لطرح أسئلة مفادها، هل تشكل إيران تهديدا على جميع الدول العربية، في حين أن إسرائيل لا تشكل تهديدا؟، هل تتدخل إيران في شؤون جميع الدول العربية، في حين أن إسرائيل لا تتدخل؟، هل لدى إيران أهداف توسيعة، في حين أنه ليس لإسرائيل أي أهداف توسعية؟.

من المؤكد أن إيران، إن كانت تشكل خطرا على دول عربية، فإنها لا تهدد الجميع، بدليل أن دولا خليجية، على وجه التحديد، تربطها علاقات وطيدة مع إيران، ولم تشتك يوما من تدخل  إيران في شؤونها الداخلية.

في حين أنه لم تسلم أي من دول العرب من إجرام وإرهاب وتدخلات الاحتلال الإسرائيلي، وهو الاحتلال الذي يناصب جميع العرب العداء ويسعى لمد نفوذه لجميع الدول العربية، وهو الاحتلال الذي لا يخفي أطماعه التوسعية في المنطقة.

بالتالي، فإن الخطر الإسرائيلي لا يماثله أي خطر، وهذا الخطر لا يهدد فقط الدول التي لم توقع اتفاقيات سلام ، بل ويهدد مصر والأردن مثلما يهدد الفلسطينيين.

لذلك، لماذا على العرب جميعا الذهاب بعيدا في عدائهم لإيران وهي التي لا تشكل خطرا عليهم، ولماذا عليهم أن يبدلوا من أولوياتهم في مواجهة عدو ليس عدوهم؟

التضامن العربي الرسمي، وللأسف، لا يسير في الاتجاهين وبذات المقدار، بمعنى أن ثمة دولا لا تجد من يتضامن معها بحزم وبذات الحدّية في الموقف الذي عليها اتخاذه تضامنا مع ما تتعرض له أي من دول النفوذ العربي من أزمات.

اليوم، العلاقة الأردنية الإسرائيلية تمر في أسوأ حالاتها، وثمة استهداف إسرائيلي مبرمج للأردن وابتزاز يصل حد التهديد بـ "تعطيش الأردنيين"، فهل العرب جاهزون للتضامن مع الأردن واتخاذ موقف صارم وجاد من "إسرائيل".

بالتالي، لماذا علينا أن نتخذ ذلك الموقف من إيران وهي التي لا تشكل خطرا مباشرا علينا في حين أن أحدا ليس جاهزا لاتخاذ ذلك الموقف من "إسرائيل".

قد يحاجج البعض أن الأردن لم يدعُ لاجتماع على صعيد وزراء خارجية العرب، لكن السؤال حتى وإن دعا هل سيحصل على ذلك التضامن وهل يتبنى البيان الختامي خطابا عربيا جادا وموقفا صارما من "إسرائيل"، تحديدا في هذه المرحلة التي تبحث دول فيها عن مصالحها وباتت على أعتاب إعلان تطبيع العلاقات مع "إسرائيل".

الدولة التي ترى في إيران عدوا لها وأنها تشكل تهديدا وخطرا عليها، لها أن تتخذ ما تراه مناسبا تجاهها، لكن هذا لا يجب أن ينسحب على جميع الدول، وإلا فإن المطلوب من جميع الدول عندئذ اتخاذ موقف مماثل من أي دولة تشكل خطرا على أي دولة عربية أخرى بذات الحدية والصرامة.//