خطة كوشنير.. لا دخان من دون نار
خطة كوشنير.. لا دخان من دون نار
بلال العبويني
يشهد المشرق العربي، حركة على صعيد بعض الملفات التي تبعث على الريبة من أن تكون مقدمة لمشاريع سياسية كبرى تنقلب فيها دول على مواقفها تجاه القضية الفلسطينية على وجه التحديد.
هذه الريبة، لها ما يبررها، فبعد سبع سنوات من انطلاق ما سُمي بـ "الربيع العربي"، باتت الغالبية على قناعة أن الكثير من الأحداث كانت مصنوعة، وأن تنظيم داعش، على وجه التحديد، ليس أكثر من صنيعة استغلته دول وأجهزة مخابرات دولية لأهداف مختلفة، واليوم يكاد يصبح تنظيم داعش ذكرا دون أثر بعد أن صدر القرار بالتخلص منه.
وهذا، لا يندرج بطبيعة الحال تحت ما يُسمى بـ "نظرية المؤامرة"، فالمؤامرة حاصلة والتاريخ القريب والبعيد يدلل عليها، بالتالي لا يمكن النظر فيما يُنشر عن ما يسمى بخطة "كوشنير" للسلام ببراءة، فمقولة "ليس هناك دخان من دون نار" لها ما يبررها فيما نحن بصدده اليوم.
ما تطرحه الخطة، حسب ما يُنشر، من السعي لإقامة دولة فلسطينية على أرض غير أراضي عام 1967، تمثل انقلابا حقيقيا على ما اتفق عليه العرب في قمة بيروت عام 2002، وتمثل تنازلا خطيرا عن الثوابت الفلسطينية، بل هي أقرب إلى تصفية للقضية الفلسطينية عندما لا يكون في مقدمتها الاتفاق على وضع القدس واللاجئين.
المبادرة العربية التي تبناها العرب، لم تجد قبولا إسرائيليا، منذ البدء، حيث اشترطت للقبول بها اشتراطات عدة، منها تطبيع علاقاتها مع الدول العربية، غير الأردن ومصر، الموقعتين على اتفاق سلام.
وهذا ما يطرح سؤالا خطيرا حول ما إذا كانت "خطة كوشنير" ستضمن حصول ذلك التطبيع لتقبل بها "إسرائيل"؟ ذلك أنه إن لم تكن الخطة تسعى إلى ذلك؛ فما الذي سيجعل منها "صفقة القرن" كما وصفتها الإدارة الأمريكية في وقت سابق عند حديثها عن مستقبل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
في الواقع، ثمة حراك لمسؤولين عرب في الخفاء، يمكن وصفه بتواصل "نصف علني" أو "نصف رسمي" مع مسؤولين إسرائيليين، ذلك أنه في منطقتنا يبقى مسؤولو الأجهزة الأمنية في دائرة المسؤولية حتى وإن تقاعدوا من مناصبهم، وما يُنشر عن أحد مسؤولي الأمن في دولة عربية ولقاءاته مع مسؤولين إسرائيليين في مؤتمرات دولية وغيرها يندرج تحت ذات السياق.
فهل ذلك يؤشر إلى أننا أصبحنا في المراحل النهائية للإعلان عن مشروع جديد للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وعن إعلان عن تطبيع العلاقات بين دول عربية وإسرائيل؟.
إن حدث ذلك فإننا سنكون أمام واقع جديد يشكل انقلابا كبيرا على المبادرة العربية بالتحديد، ذلك أن أحدا لم يجرؤ خلال السنوات الماضية على طرح ولو فكرة لتعديل المبادرة العربية أو تطويرها.
هذا من جانب، ومن جانب آخر؛ فإن ذلك، إن حدث، سيكون انقلابا على الموقف الأردني، على وجه التحديد، الذي تمسك بالمبادرة طيلة السنوات السابقة وحملها في مختلف المحافل الدولية، بل إنه سيمثل انقلابا على ما اتفق عليه العرب في قمة البحر الميت التي كان على رأس أجندتها التأكيد على التمسك بالمبادرة العربية وحل الدولتين.
المبادرة العربية، كانت أقل بكثير من طموحات الشعب الفلسطيني، غير أن ما يتسرب من "خطة كوشنير" وتطبيع دول عربية علاقاتها مع إسرائيل ستكون أشبه بالحلقة الأخيرة في مسلسل "تصفية القضية الفلسطينية".//