فريز: الاقتصاد الوطني اظهر مؤشرات تعافي وسيحقق نموا إيجابيا
- قال محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور زياد فريز، إن الاقتصاد الأردني اظهر مؤشرات عديدة على التعافي وتحقيق معدلات نمو إيجابية في الأعوام المقبلة.
وأضاف في كلمة بافتتاح الملتقى الخامس للمسؤولية المجتمعية للبنوك اليوم الاربعاء أن الاردن تمكن من تجاوز العديد من التحديات في السنوات الخمس الماضية، والتي أدت الى هبوط معدل النمو الاقتصادي إلى أقل من معدلاته التاريخية (1ر7 في المائة سنويا في الفترة ما قبل الازمة) إلى متوسط 6ر2 في المائة سنويا في الفترة ما بعد الازمة (2010-2016).
واكد أنه على الرغم من تواضع معدلات النمو خلال الفترة الماضية، وارتفاع معدل المديونية إلا أن هنالك ما يشير إلى أننا تجاوزنا المرحلة الاصعب ومن التقليل من حجم التحديات القائمة.
وبين أنه تحقق في النصف الأول من العام الحالي معجلات نمو ايجابية نسبتها 1ر2 في المائة، وهي حول معدل النمو المتحقق في العام الماضي، متوقعا أن يصل النمو للعام الحالي إلى 2ر2 في المائة بالمقارنة مع 2 في المائة في عام 2016.
وبين الدكتور فريز أن هذا اللقاء يأتي بعد خطاب العرش الذي افتتح فيه جلالة الملك اعمال الدورة العادية الثانية لمجلس الامة، حيث تضمن الخطاب تشخيصا واقعيا ودقيقا للتحديات التي يمر بها اقتصادنا الوطني، وما تمليه علينا جميعا، حكومة ومؤسسات دولة وقطاع خاص، من اجراءات عملية لمواجهتها والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي في المملكة.
وأشار إلى أن خطاب جلالة الملك يدعونا لتوفير سبل الحياة الكريمة للمواطنين، وخصوصا من فئات الدخل المتوسط والمحدود، مؤكدا أن الاردنيين "عودونا دائما بإصرارهم وانتمائهم أنهم عند حسن الظن بهم، وكلي ثقة بقدرة الاردن على تجاوز جميع التحديات والعقبات التي يمر بها".
وقال المحافظ إن قراءتنا للمشهد الاقتصادي ولتطوراته الجزئية تشير إلى بدء تعافي وعودة تدريجية للاقتصاد الوطني الى معدلات نمو اعلى خلال السنوات المقبلة، حيث بدأ تحسن ملموس في بعض مؤشرات القطاع الخارجي، وانخفاض التراجع في بعضها الاخر.
من هذه المؤشرات، قال المحافظ إن الدخل السياحي واصل الارتفاع بنسبة 7ر12 في المائة لنهاية تشرين الأول من العام ا لحالي، مقابل تراجع نسبته 8ر1 في المائة للفترة ذاتها من العام الماضي.
وكذلك تحسن في الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة الى المملكة بنحو 30 في المائة في النصف الاول من العام، ما رفع نسبتها الى الناتج الى 6 في المائة مقابل 7ر4 في المائة للفترة المقابلة من العام الماضي.
وبين أن تحويلات العاملين سجلت معدلات نمو موجبة بلغت 7ر0 في المائة لنهاية أيلول من العام الحالي مقارنة مع تراجع نسبته 4 في المائة للفترة ذاتها من العام الماضي.
وأشار المحافظ إلى استقرار الصادرات الوطنية، بعد ان تراجعت بما معدله 8ر7 في المائة سنويا في عامي 2015 و 2016، موضحا أن ما يدعو للتفاؤل أن هذا الاستقرار جاء بالرغم من انخفاض اسعار الصادرات بنسبة 8 في المائة لنهاية آب، قابلها ارتفاع في كميات الصادرات بشكل عام بنسبة مماثلة، اضافة الى الوصول الى اسواق جديدة.
أما بخصوص فتح الحدود مع العراق، قال المحافظ إن ثمة مؤشرات على أن التجارة مع العراق آخذة بالتحسن، وذلك "مع ادراكنا أن عودة حجم الصادرات إلى العراق لمستويات ما قبل اغلاق الحدود ستستغرق بعض الوقت، حيث نأمل أن نلمس الأثر الايجابي لاستئناف التجارة مع العراق ابتداء من النصف الثاني من عام 2018".
وأضاف أن الانفاق الرأسمالي نما بنسبة 4ر7 في المائة لنهاية أيلول من العام الحالي، مقابل تراجع نسبته 4ر9 في المائة للفترة نفسها من العام الماضي، مؤكدا أن هذا النمو يشكل قوة رافعة للأداء الاقتصادي، وستمتد اثاره الايجابية الى مختلف القطاعات الاقتصادية، خصوصا في ضوء توجه الحكومة نحو مزيد من الاعتماد على القطاع الخاص في تنفيذ عدد من المشروعات الرأسمالية، مثل تكريس لأطر الشراكة مع القطاع الخاص والاستفادة من خبراته المتراكمة، في الوقت الذي سيسهم ذلك في الحد من عجز الموازنة.
وأشار إلى استمرار وتيرة النمو في التسهيلات الممنوحة للقطاع الخاص، وبنسبة 8ر7 في المائة لنهاية أيلول من العام الحالي، بعد نموه بنسبة جيدة ايضا لنفس الفترة من عام 2016 بلغت 5ر7 في المائة، توزعت على القطاعات الاقتصادية كافة، لاسيما الانتاجية منها.
وقال الدكتور فريز إن ذلك يعد من المؤشرات الايجابية التي تدل على امكانات النمو الاقتصادي في المستقبل، لافتا إلى أن هذه التطورات تأتي في الوقت الذي نشعر فيه بكل ثقة واطمئنان إلى تطور مؤشرات المتانة المصرفية.
وثمن في هذا الإطار جهود إدارات البنوك العاملة في المملكة على "تعاونكم الجاد النابع من إحساسكم العالي بالمسؤولية"، معربا عن ثقته أن الإنجازات التي حققها الجهاز المصرفي الاردني، وتعزيز مكانته واسهاماته النوعية في دعم مسيرة اقتصادنا الوطني ستتواصل، بالرغم من اية صعوبات او تقلبات في البيئة المالية والاقتصادية محليا وخارجيا.
كما ثمن المحافظ التزام البنوك الثابت بضوابط العمل المصرفي الآمن والسليم، وحرصهم على توفير الشروط والامكانات اللازمة لترسيخ الممارسات المصرفية الفضلى، وحسن إدارة المخاطر بما يرتقي بقدرة البنوك على تحمل الصدمات المحلية والخارجية.
ودعا البنوك أن تضطلع بدور أكبر تجاه التنمية المجتمعية، بحيث لا تقتصر مسؤوليتها المجتمعية على تقديم التبرعات النقدية والعينية، "بل يجب أن تكون التزاما أخلاقيا"، وتتخذ طابعا مؤسسيا ذو قيمة مضافة عالية ومستدامة في مختلف المجالات التعليمية، والصحية، والتدريب والتأهيل، والبيئة، وتمكين المجتمع المحلي.
وفيما يتعلق بالسياسة النقدية، أكد محافظ البنك المركزي أنه تم الاستمرار بالمحافظة على الاستقرار النقدي والمالي، وزيادة جاذبية الدينار كملاذ امن للمدخرات المحلية والخارجية، ورغم تواضع نمو الودائع منذ بداية العام إلا أن الودائع بالدينار زادت منذ نهاية شهر آذار بخمسة امثال زيادتها في الفترة نفسها من العام الماضي، وبحجم يتجاوز نصف مليار دينار.
وقال إنه ورغم بعض العوامل غير المتكررة والتي فسرت في حينه على انها انخفاض في ودائع الدينار، بينما هي في الحقيقة تعود الى عمليات اعادة تصنيف احصائية صرفة، وصفقة شراء اسهم سعودي اوجيه في البنك العربي لمستثمرين اردنيين وغير اردنيين، وبحجم غير مألوف وصل الى 1ر1 مليار دولار، "ما يعد مؤشر قوة ودليل على متانة الجهاز المصرفي، وإيمان راسخ بأسس الاستقرار النقدي واستقرار بيئة الاقتصاد الاردني على المدى الطويل".
وأشار إلى التقدم الملموس الذي سجلته المملكة في تقرير ممارسة الاعمال الصادر أخيرا عن البنك الدولي، حيث تحسن ترتيب الاردن خمس عشرة مركزا، إلى المرتبة 103 من 118 في تقرير العام الماضي، حيث جاء التقدم بشكل رئيس بفضل تحسن معيار الحصول على الائتمان بمقدار 26 درجة، نتيجة بدء شركة المعلومات الائتمانية اعمالها اعتبارا من العام الماضي.
وقال المحافظ إنه رغم كل المؤشرات الايجابية التي اظهرها الاقتصاد الاردني، إلا أن البناء على هذه المكتسبات "يتطلب مواجهة التحديات التي ما زالت ماثلة امامنا، واستشهد بما قاله جلالة الملك بانه (لن يقوم أحد بإيجاد الحلول لمشاكلنا الا نحن انفسنا فلا بد ان نعتمد على ارادتنا وامكانياتنا وطاقاتنا في مواجهة التحديات امامنا بعزيمة وتصميم).
ودعا إلى مواجهة الواقع الجديد وتبدل اولويات المجتمع الدولي والتطورات الاقليمية، والتي جعلت من الاعتماد على الذات تحد أكبر من اي وقت مضى، وتنفيذ الاصلاحات دون تلكؤ والتي اصبحت معروفة للجميع وان أي تأخير في تنفيذ الاصلاحات ستطال أثاره السلبية الأمن الاقتصادي والاجتماعي.
وأكد أن مضي الحكومة قدما بتنفيذ خطة التحفيز الاقتصادي والبرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي كفيل بمواجهة الاختلالات الخارجية، المتمثلة بعجز الحساب الجاري، والداخلية المتمثلة بعجز المالية العامة، مع ما يتطلبه ذلك من ضرورة وقف الهدر في الموارد الاقتصادية المحدودة، والانفاق غير المجدي، والاعفاءات غير المبررة اقتصاديا، ومعالجة التشوه في النظام الضريبي.
وقال إن كل ذلك سيسهم ايجابا في تعزيز البيئة الاستثمارية، وتعزيز مرتكزات النمو الشامل، ومعالجة مشكلة الدين العام ووضعه على مسار تنازلي وقابل للاستمرار.
وأضاف أن الجهاز المصرفي يعد شريان التمويل الرئيسي للاقتصاد الوطني، وأن هذا التمويل، الذي استمر وبزخم كبير على الرغم من الظروف غير المواتية التي تعرض لها الاقتصاد الوطني طيلة السنوات الماضية، يمثل تجسيدا واقعيا لممارسة البنوك لمسؤوليتها المجتمعية.
وأكد أن مفهوم المسؤولية المجتمعية أصبح يشكل ثقافة ونهجا مؤسسيا للمنظمات والمؤسسات العاملة في المجتمعات المتطورة، وإحدى مؤشرات التنمية المستدامة لديها، و"بالرغم من اختلاف النظرة والمقاصد لمفهوم المسؤولية المجتمعية، إلا انني اعتقد انها تعني قدرة المؤسسة، على إيجاد علاقة ايجابية فيما بينها وبين المجتمع المحيط بها، وتطويرها بما يساهم في خدمة المجتمع وازدهاره وأمنه وأمانه، وذلك من خلال الالتزام بتطبيق أفضل الممارسات في مجالات عمل المؤسسة وبالشكل الذي يكفل الموازنة بين مصالحها ومصالح المجتمع.
وأشار المحافظ إلى أن هذا المفهوم يشمل الالتزام المستمر من قبل المؤسسات بالتصرف أخلاقيا والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية، والعمل على تحسين الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، وللمجتمع ككل.
وبين أن الارقام المتاحة تظهر زيادة حجم الاموال التي تنفقها البنوك في اطار المسؤولية المجتمعية الى 3ر1 في المائة من ارباحها ارتفاعا من 8ر0 في المائة في عام 2015 "وهو ما يستحق الاشادة".
ودعا إلى وضع قواعد عامة للمسؤولية المجتمعية للبنوك لتسترشد بها باقي المؤسسات في بناء استراتيجية تمكنها من تحقيق اهداف التنمية المستدامة على المستوى الوطني. (بترا)