أهمية خفض التوتر.. والمسار الجديد في سوريا
أهمية خفض التوتر.. والمسار الجديد في سوريا
بلال العبويني
بالنسبة للأردن تكمن أهمية الاتفاق الثلاثي في تأسيس منطقة خفض توتر في الجنوب السوري في عدة نواح.
الأولى: في تحقيق مطلب أردني بإبعاد القوات الإيرانية عن الحدود الأردنية إلى مسافة ثلاثين كيلو متر تقريبا.
والثانية: إبعاد التوتر عن الحدود الأردنية، وبالتالي استتباب الأمن وهو ما من شأنه أن يخفف الضغط على القوات الأمنية الأردنية المرابطة على الحدود والتي تبذل جهدا كبيرا في تأمين الحماية والمراقبة الحثيثة لما يجري على الطرف الآخر من الحدود.
الثالثة: المساهمة في عودة عدد لا بأس به من اللاجئين إلى ديارهم، وتحديدا أولئك الذين كانوا يسكنون في الأصل في مناطق درعا والسويداء التي يشملها اتفاق خفض التوتر بالإضافة إلى القنيطرة وهضبة الجولان السوري المحتل.
الرابعة: تعجيل الاتفاق على إعادة فتح معبر نصيب، والذي بات ضروريا لسببين هما للمساهمة في العبور البشري البري من وإلى الأراضي السورية، وعودة تنشيط حركة التجارة بين البلدين بالإضافة إلى تجارة الترانزيت بالنسبة للأردن باتجاه الأراضي اللبنانية برا.
ثمة أسئلة قد تتبادر إلى الذهن منها: هل سينجح اتفاق منطقة خفض التوتر؟، من المؤكد أنه سينجح والدليل نجاح الاتفاق على وقف إطلاق النار في الجنوب السوري والذي بدأ في تموز الماضي.
كما أن عوامل نجاحه متوفرة في أنه اتفاق بين الدولتين الفاعلتين في المشهد وهما روسيا والولايات المتحدة بالإضافة إلى الأردن أكثر الدول تضررا إن حدث أي توتر في الجنوب السوري.
هل ستؤثر إيران سلبا على منطقة خفض التوتر في الجنوب السوري، ذلك أنها سعت في وقت سابق إلى تعزيز نفوذها في تلك المناطق؟.
هذا السؤال، كان من الممكن أن يكون مبررا لو لم تكن روسيا واحدة من الدول الثلاثة الموقعة على الاتفاق، ذلك أن روسيا اليوم هي من أقوى حلفاء إيران، ومن شأن هذا التحالف أن يكون سندا لها في ما تنتظره نتيجة استراتيجية الرئيس الأمريكي الجديدة تجاهها، ونتيجة لما ينتظرها جراء التصعيد الحاصل بينها وبين السعودية، والذي تفوح منه رائحة حرب على الساحة اللبنانية.
هل ثمة خوف من أن يساهم الاحتلال الإسرائيلي في إفشال منطقة خفض التوتر في الجنوب السوري؟، بالتأكيد لن تقدم تل أبيب على ذلك، لأن هذه المنطقة من شأنها أن تبعد عدوها اللدود حزب الله والفصائل المحسوبة على إيران عن الحدود مع فلسطين المحتلة، وهذا مطلب لطالما أقلقها خلال الأشهر الماضية.
هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن دولة الاحتلال طرف في الاتفاق، وإن كان بشكل غير مباشر، عبر الولايات المتحدة التي لا يمكن أن تُقدم على خطوة في المنطقة دون النظر إلى ما فيه مصلحة لحليفتها الأبرز في المنطقة.
يبقى السؤال، من سيتولى حماية منطقة خفض التوتر في الجنوب السوري؟، في وقت سابق اعترضت تل أبيب على تولي قوات روسية المهمة، مطالبة بقوات أمريكية، غير أن المؤكد أن تتولى روسيا الأمر، وذلك لما يربطها من علاقات إيجابية مع جميع الأطراف بما فيها دولة الاحتلال الإسرائيلي التي أشارت تقارير غربية أن واشنطن أقنعتها بضرورة قبول قيام روسيا بالمهمة.
اتفاق خفض التوتر في الجنوب السوري، له ما بعده ويمكن القول إنه سيساهم في تأسيس مسار جديد في الأزمة السورية، وهو المسار الذي من شأنه أن يحقق نجاحات أعظم من مسار جنيف أو مسار أستانة إن قررت واشنطن وموسكو الجلوس على طاولة واحدة والاتفاق سويا.//