قبل 30 سنة: وهل يقع اللوم على الشاري!
نشر مقالة، سألني عن رأيي فيها، فقلت له:
-انها من نوع مقالات «السنتر» التي لا تحسب لهذا الفريق ولا لذاك، اي انها «لا معهم ولا عليهم».
همهم وتمتم وغمغم وقال:
- يا صاحبي أنا استحق منك بعض اللطف. وبعض الدعم. وبعض الزوق، لأنني ما أزال «أُسخّن» وليس من المستحب ان أبدأ الكتابة، ناقدا وضاربا ذات اليمين وذات الشمال.
- من قال ان المخابطة من شروط المخاطبة؟!
كانت المقالة، باكورة كتابات صاحبي، العائد من غربة طويلة. وقد اثنى أصدقاؤه على المقالة، التي لا تسبب اي احراج مع المسؤولين، لا بل سينجم عنها اتصالات شاكرة حامدة، هو يحتاجها.
هاتفني عصرا وقال:
- لقد اتصل بي مدير المكتب وشكر وامتدح الموضوع والاسلوب، ونقل اليّ تحياته وامتنانه، وذكر انه يود ان يراني في اقرب فرصة.
وقال انه سأل مدير مكتبه ان كان غير قادر على التحدث بنفسه لأنه مصاب بانفلونزا حادة او بالتهاب قصبات او بصداع ناجم عن متاعب الاسنان او ان صوته قد «راح» لسبب تقني !.
قال انه قفز عن ملاحظتي وتمنى ان ازورهم لتناول فنجان قهوة و»ستكون فرصة لمزيد من المعرفة وللبحث عن صيغة التعاون من اجل المصلحة العامة والوطن».
- ما المقصود بصيغة تعاون من اجل المصلحة العامة والوطن في هذه الايام ؟.
- المقصود واضح جدا ولا يحتاج الى مُنجِّم. الأخ ينوي ان يكرمك.
- شو قصدك يا معوّد؟
- نحن نتحدث عن قصده وليس عن قصدي. الرجل «بده يكسبك» .
- اما زلتم تمارسون نفس الاساليب والوسائل التي كانت معتمدة قبل 30 سنة ؟ انا ابحث عن الإيجابيات واكتب عنها من وحي ضميري.
- ههنا مربط الفرس. انت كتبت ما تم تصنيفه «مقالة لفت نظر» و «حركشة» تهدف عادة الى بناء جسر. واعتقد انه يرغب في صداقتك.
- تقصد يرغب في الاحتواء؟
- الاحتواء كلمة انقرضت من زمان، ما هو سائد اليوم هو الكِراء.
- انت تعرف من انا.
- انا اعرفك جيدا، وليس هذا هو المهم. المهم هو ان تحتفظ بملامحك وكلماتك واضحة ليعرفك الجميع، فانا اتخيل شكلك حين يمد لك الهدية !
- مغلف؟ زي زمان ؟!
- لن يعرضوا عليك «كاش» ! فقد اتصلوا يسألون هل تبدلت و «تلحلحت».
- يبحثون عن كعب أخيل. ماذا قلت لهم ؟
- لم ابلّ ريقهم، لكنك تعرف ان ريقهم لا يمكن ان يظل ناشفا.
- ساذهب الى اللقاء وسأبلغك بما جرى. أترى؟ حتى المواعيد الودودة يبدعون في تحويلها الى ما يشبه «الجلب». وخشية ان يتوهوا بي، فسوف أرسل لهم مع سائقي كمية كبيرة من الحلوى الفاخرة كي يضبوا المغلف الذي دسوا «الإكرامية» فيه لو فكروا هكذا.
- اعرف ان ليس لمثلك سعر، والا لظننت انك تقصد ان ترفع سعرك !
- كيف يجرؤون على مجرد التفكير بشرائي ؟
- يا صاحبي، منذ متى يقع اللوم على الشاري !!
الدستور