الحزم السوري مع الأكراد في الرقة
الحزم السوري مع الأكراد في الرقة
بلال العبويني
من المفترض أن تستفيد الدولة السورية مما جرى في إقليم كردستان العراق الذي كان يهدف من وراء الاستفتاء في 25 أيلول الماضي الى الانفصال عن الجمهورية العراقية، غير أن صلابة الحكومة العراقية في التعامل مع الحدث الأبرز على ساحتها بعد التخلص من تنظيم داعش الإرهابي.
أكراد سوريا، يسيرون على ذات النهج، عندما أجروا قبل شهرين تقريبا انتخابات لاختيار رؤساء للمجالس المحلية وهي الانتخابات التي كانت من المقرر أن تنتهي مرحلتها الثالثة بعد عامين بانتخاب برلمان محلي في عدة مناطق سورية منها عفرين وعين العرب بالاضافة إلى مناطق في الرقة التي ساهمت قوات سوريا الديمقراطية بدعم أمريكي مباشر في تحريرها من قوات داعش الإرهابية.
الحكومة السورية، ربما كان موقفها في حماية وحدة أراضيها سيكون صعبا لو نجح أكراد العراق في الاستقلال عن الجمهورية العراقية.
غير أن انتهاء حلم الأكراد في العراق وفشل المخطط، ساهم في شعور الحكومة السورية بالراحة والاستعداد للمواجهة لحماية أراضيها في الشمال السوري من أن تسير على طرق أكراد العراق لإعلان الفدرالية أو الانفصال.
قبل أيام، رفضت الحكومة السورية اعتبار الرقة منطقة محررة، ما لم تسيطر قوات الجيش السوري والأجهزة الأمنية السورية الأخرى على المدينة، وهذا ما كان يجب أن يكون إن كانت الحكومة السورية تسعى لعودة كافة الأراضي السورية إلى حضنها.
أمس أيضا، حذرت مستشارة الرئيس السوري الدكتورة بثينة شعبان "قوات سوريا الديمقراطية من عواقب تصرفاتها في شمال سوريا"، وهي التصرفات التي لا يمكن فهمها إلا أنها مقدمة لخطوة مشابهة لخطوة أكراد العراق كما أشرنا.
هذا التهديد يجب أن يتطور إلى مستوى الردع العملي، لأن أي تصرف كردي باتجاه الانفصال أو الاستحواذ على المناطق المحررة من شأنه أن يجر جماعات أخرى لاتخاذ خطوات مشابهة وهو ما قد يُعيد سوريا إلى مخطط التقسيم الذي تم إفشاله حتى هذه المرحلة.
الأمريكان، إن لم يدعموا أكراد العراق باتجاه الانفصال، لأنهم كانوا مشغولين بملفات أهم مثل القضاء على داعش وتحرير الرقة السورية، فإنهم يدعمون اليوم أكراد سوريا باتجاه الاستحواذ على المناطق المحررة ومن ثم المضي في مشروع الفدرالية أو الانفصال عن الدولة السورية، ليكونوا أشبه بجيب أمريكي في تلك المنطقة.
بدت بثينة شعبان، في تصريحها لوكالة رويترز أمس، حاسمة في تهديدها، وفي إشارتها إلى ما آلت إليه الأمور مع أكراد العراق، وهذا من المهم بمكان للتأسيس عليه والتحرك باتجاه بسط السيطرة على جميع المناطق المحررة في دير الزور والرقة والحسكة وشمال سوريا.
المهمة، ليست سهلة بكل الأحوال، ذلك أن الساحة السورية ما زالت مفتوحة على قضايا صعبة، من شأنها أن تضعف تركيز الحكومة السورية في ملف بعينه، تحديدا أن المنطقة أيضا باتت مهيأة للانفجار من جديد.
لكن، مواصلة العمل مطلوبة والحزم أيضا مطلوب في مثل هذه القضايا، ولنا في الحكومة العراقية مثال عظيم في إفشال مخطط الأكراد في الانفصال عن الدولة الأم.//