6 شروط للحفاظ على نبات المانجروف على شواطىء خليج العقبة
عنصر رئيسي في تشكيل النظام البيئي والحيوي للحياة البحرية
العقبة – كتبت : د. نهاية القاسم
تقوم وكالة البحر الأحمر للحفاظ على البيئة البحرية، بدراسة واسعة حول أهمية نبات المانجروف، وهي من النباتات الشاطئية التي تنمو عند الحد الفاصل بين البحر واليابسة في المناطق الحارة والمدارية وتتميز بقدرتها على مقاومة الظروف البيئية الصعبة التي تعجز عن مواجهتها معظم النباتات الأخرى ، وهو نبات يشارك في تشكيل نظام بيئي وحيوي متكامل حيث تتواجد الطيور على أغصانه، والحيوانات البرمائية عند شاطئه والأسماك الصغيرة عند جذوره، ووجوده يثبت تربة الشواطئ ويحميها من التآكل ، كما تفضل الأسماك الالتجاء إليه عند وضع بيوضها.
بيئات المانجروف في منطقة البحر الأحمر
تنتشر بيئات المانجروف على سواحل البحر الأحمر وخصوصا في الجزء الجنوبي من جنوب البحر الأحمر، حيث تشكل هذه البيئات جزءا مهما من منظومة الحياة النباتية الساحلية؛ فنظام جذورها المعروفة بالجذور الهوائية والتي تبرز فوق سطح الأرض تحيط بالأشجار لتشكل أيكات كثيفة على امتداد الساحل تعمل على ترسيب التربة وتحمي بذلك الشواطىء من التعرية، كما تعزز بيئات المانجروف تنوعا هائلا للمجموعات الحية من خلال توفير المأوى لانواع كثيرة من الحيوانات والطيور البحرية والأسماك واللافقاريات الهامة تجاريا، كما تشكل الأوراق والفروع الميتة لأشجار المانجروف مصدراً هاماً للمغذيات التي تثري الانتاجية الاولية في البيئة البحرية.
المانجروف الرمادي Avicenna marina أو “Mangrove”
هو نوع من أنواع القرم وهو أهم النباتات الشاطئية التي تنمو بكثرة على سواحل دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تعيش على الماء المالح وهي من العائلة (Avicennaceae) يوجد منه عدة أنواع ويكثر على شواطئ جنوب شرق آسيا كما يوجد في منطقة الخليج العربي .
تتكون كلمة “Mangrove” من كلمتين الأولى برتغالية “Mangue” وتعنى شجرة، والثانية إنجليزية Grove وتعنى مكان الأشجار، وقد ترجمت إلى اللغة العربية خطأ مقابر الإنسان والأفضل أن تسمى أيكة ساحلية. ومصطلح Mangrove هو مصطلح بيئي يستخدم ليشمل كلاً من الشجيرات والأشجار من ذوات الفلقتين والفلقة الواحدة، والتي توجد في المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية الضحلة الواقعة تحت تأثير المد البحري. وقد اقترح بعض العلماء اقتصار كلمة Mangrove لتشير إلي النباتات المكونة لغابات هذه النباتات، وكلمة Mangal لتشير إلى المجتمع النباتي الذي يسوده إحدى هذه النباتات.
وعلى المستوى العالمي يوجد حوالي 80 نوعاً من هذه النباتات (78 من ذوات الفلقتين + 2 من ذوات الفلقة الواحدة) تنتمي إلى 18 فصيلة و23 جنس موزعة حول المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية في العالم، يوجد العدد الأكبر منها (65 نوعاً) في منطقة جنوب شرق آسيا، بينما يوجد حوالي 11 نوعاً في العالم الجديد ومنطقة الكاريبي .
ويعتبر نبات المانجروف Avicennia marina (كما يسمى في الجزيرة العربية) أو الشورى (كما يسمى في مصر والسودان) من أهم نباتات الأيكات الساحلية الأكثر شيوعاً حيث ينتشر حول ساحل البحر الأحمر الغربي (مصر والسودان) والساحل الشرقي (المملكة العربية السعودية واليمن)، وكذلك على خليج العقبة والخليج العربي. ويبدو أن جيومورفولوجية ومناخ هذه السواحل تشجع نمو جماعات هذا النبات حيث توفر الخلجان الصغيرة التي تنتهي إلى السواحل والمحمية جزئياً بالشعاب المرجانية أو الجزر وسطاً ملائماً لنموه بسبب كسرها لقوة الأمواج والتي عادة ما تدمر وسط النمو وتحمل البادرات بعيداً عن مهدها. ويشير اسم الجنس إلى العالم العربي ابن سينا (Avicenna) صاحب القانون في الطب، أما اسم النوع فهو يشير إلى المناطق البحرية. (Marine)ويعتبر هذا النوع هو أكثر نباتات الأيكات الساحلية انتشاراً في العالم، حيث يمتد من شرق أفريقيا والبحر الأحمر هو الموقع النموذجي له.
وتعتبر السلالة A. marina var. typical هي السلالة الأكثر انتشارا من سلالات نبات المانجروف أو القرم، في البحر الأحمر والخليج العربي. وقد عرف نبات المانجروف أو القرم منذ قديم الزمان، فقد كتب العالم الإغريقي ثيوفراستس، والذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد عن بعض الفوائد الطبية لهذا النبات. كذلك أشارت بعض كتب التراث إلى هذا النبات حيث ذكره ابن منظور في لسان العرب وقال عن هذا النبات أنه لا شوك له، وهو مرعى للبقر والإبل تخوض الماء إليه حتى تأكل ورقه وأطرافه الرطبة ويحتطب فيستوقد به لطيب ريحه ومنفعته.
الوصف النباتي للمانجروف Avicenna marina :
المانجروف شجرة قائمة أو شجيرة صغيرة، وغالباً ذات زغب كث دقيقي، ارتفاعها 1-3 متر. الأوراق متقابلة رمحية إلى بيضاوية، غالباً حادة القمة، كاملة الحافة طولها 3-7سم وعرضها 1-3 سم، تستدق عند القاعدة مكونة عنق قصير، جلديه ذات لون أخضر لامع من أعلى، وغالباً ذات لون رمادي باهت من أسفل، عليها العديد من البلورات الملحية.
هذه الشجيرات محاطة عادة بنموات قائمة رأسية عديمة الأوراق تشبه السيقان (Pneumathodia or Pneumatophores) تخرج من الجذور الأرضية بغرض تزويدها بالأوكسجين ، وخاصية الإنبات الأمي (Vivipary) في هذا النبات هي تأقلم آخر مع هذه البيئة شديدة الملوحة شحيحة الأوكسجين حيث تنبت البذور قبل وقوعها من النبات الأم معطية الجذير أو الجذر الجنيني. وقد فسر ذلك على أنه ميكانيكية لتجنب الملوحة وللتزويد بالأكسجين في هذه الفترة الحرجة من إنبات البذور.
احتياجات النمو الرئيسية لنبات المانجروف الساحلية
توجد عدة إحتياجات رئيسية للنمو المثالي للأيكات الساحلية لنباتات القرم نذكرها فيما يلي: درجة حرارة استوائية: يجب أن يكون متوسط درجة حرارة الأشهر الباردة أعلى من 20°م، ومدى التغير الموسمي لا يزيد عن 5°م.
شواطئ خالية من الأمواج العاتية والتأثيرات المدية الشديدة، توجد النموات الكثيفة لهذا النبات على الشواطئ المحمية داخل البرازخ أو خلف الجزر، حيث غالباً ما يؤدى تأثير الأمواج إلى اقتلاع البادرات وإزالة الرواسب الناعمة.
وجود الماء المالح
لا يعتبر الماء المالح احتياجاً أساسياً للأيكات الساحلية حيث أنها اختيارية الملوحة، إلا أن إزالة التنافس مع نباتات المياه العذبة يعتبر هام جداً. وجود مجال مدٌى واسع من التوسع الأفقي في الأرض خاصة أثناء التغيرات المدية. غياب المواد الملوثة والتي تلحق الضرر الكبير بنباتات المانجروف.
أسس الحفاظ على مجتمعات الأيكات الساحلية لنباتات القرم:
1-عدم التدخل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في توقيت وكمية انسياب الماء العذب من الأنهار والوديان إلى مواطن هذه الأيكات.
2-عدم التدخل في استمرار عملية الغمر بماء المد أو ماء الجريان السطحي.
3-عدم الإخلال بالتركيب الطبيعي والكيميائي والإحيائي للمنظومة البيئية لهذه النباتات أو لمستوى ارتفاع الوسط الترسيبي بالنسبة لمستوى سطح البحر بالمنظومة.
4- منع كافة أشكال التلوث( النفطي والنفايات) ومخلفات المشاريع العمرانية عن أيكات المانجروف.
5- وضع برنامج إكثار نسيجي بواسطة مخابر زراعة الخلايا والأنسجة النباتية لتعويض ماتم فقده من هذه النباتات وإعادة إستزراعها في موطنها الأصلي.
6- وضع برنامج مكافحة متكامل لمكافحة الحشرات والأمراض التي تصيب هذه الأيكات وذلك بإستخدام المبيدات العضوية الطبيعية صديقة البيئة وليست الكيميائية التي تسمم وتلحق الضرر بالبيئة وكافة أشكال الحياة فيها.//