"سياسة الاعتماد على الذات تستوجب التدريب والتشغيل"

خليل النظامي

 

بداية القول انه لا يمكن فصل السياسات التي تتبعها الحكومه في تدريب وتشغيل المتعطلين عن العمل عن سياستها في تنظيم وضبط العمالة الوافده في سوق العمل, فالاثنتان مرتبطتان ببعضهما البعض, فالاصل في استقدام العمالة الوافدة ان تكون بهدف تدريب العماله المحلية على المهن لا للإستيطان والسيطرة على فرصها في العمل, ومن جهة اخرى الاصل في التدريب ان يكون مقرونا بالتشغيل فليس من المنطق ان ندرب ونهمل, وفعلا بسبب تراكم السياسات السابقة حصل استيطان مباشر وواضح من قبل العمالة الوافدة على غالبية فرص العمل الموجوده في السوق, وساعدهم في ذلك الانتشار الواسع لثقافة العيب بين الشباب الاردنيين وضعف سياسات مؤسسات التدريب المهني وبرامجها.

 

وبحسب اخر المؤشرات لسوق العمل الاردني وجدنا أنه مثقل بنحو مليون وربع المليون عامل وافد منهم حوالي (800) الف عامل وافد مخالف لقانون العمل, يعملون في شتى المهن في مختلف القطاعات, وعلى الضفة الاخرى نجد ان هذا العدد الهائل من العمالة الوافدة يرافقة ارتفاع كبير في نسب البطالة بين صفوف الشباب الاردني والتي وصلت الى ( 18.2%), حيث اصبحت تشكل التحدي الاكبر واولوية قصوى على طاولة الحكومة.

 

وكون وزارة العمل هي المعنية بتنظيم وضبط سوق العمل الاردني وتدريب وتأهيل الشباب الاردني فقد إلتفت صنع القرار فيها الى هذه التحديات بشكل جدي وجريء, مما قادهم الى انتهاج سياسة جديدة لأعادة النظر في كافة السياسات والاستراتيجيات الموجوده والخروج بحلول اقرب ان تكون جذرية لمشكلة البطالة وضبط سوق العمل في آن واحد, حيث تمثلت هذه السياسة بمنح القطاع الخاص دور جديد للمساهمة في عمليات التدريب والتشغيل للعمالة المحلية على ما تحتاجة من مهن وتخصصات, وبالتالي زيادة فرص التشغيل واحلالها بدلا من العمالة الوافدة تدريجيا, وبهذا تكون الوزارة قد حصلت على سوق عمل صحي ومنظم اضافة الى تخفيض نسب البطالة بين صفوف الشباب الاردني وزيادة فرص التشغيل. 

 

وكان من ابرز الاجراءات التي قامت بها الوزارة بهذا الصدد ايقاف ضخ ماسورة استقدام العمالة الوافدة ومن ثم اتبعتها بحملات تفتيشيه مكثفة على العمالة المخالفة, ويتزامن مع هذه الاجراءات اطلاق مجموعة من المبادرات والبرامج بالتعاون مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني تهدف الى تدريب وتشغيل العمالة المحلية, والتي كان من ابرزها البرنامج الذي أطلقته مؤخرا تحت اسم " البرنامج الوطني للتمكين والتشغيل" بالتعاون مع القطاع الخاص والذي يهدف الى تدريب وتشغيل المتعطلين عن عمل في ست قطاعات تم استهدافها وهي القطاع الصناعي والسياحي والقطاع الزراعي والبناء والتشييد والخدمات والطاقة, اضافة الى تخفيض نسب العمالة الوافده في هذه القطاعات من خلال احلال العماله المحلية فيها تدريجيا بعد تدريبها وتشغيلها.

 

ومن ابرز التحديات التي تواجة وزارة العمل في مسيرة انجاح سياسة البرنامج الوطني للتمكين والتشغيل تركز الاستثمارات في قطاعات الإنشاءات والخدمات وتوليدها مهن لا يقبل عليها الأردنيون, وعدم توافق مكان فرص العمل في كثير من الأحيان مع مناطق سكن العمالة المحلية الراغبة في العمل, اضافة الى وجود قناعة متشكلة لدى أصحاب العمل بأن العامل الوافد أكثر قدرة على الإنتاجية والاستمرار في العمل.

 

ويجدر القول ان هذه البرامج لا يمكن ان ينجح طالما هناك فكر وثقافة لدى المتعطلين عن عمل مختلفة عن فكر وثقافة الهدف من اقامة هذه البرامج, وذلك لأن المرحلة الحالية والظروف القاسية التي تمر بها المملكة تتطلب من كل مواطن اردني الابتعاد عن سرطان ثقافة العيب والبدء بفكر "الاعتماد على الذات" والانتاج الذاتي من خلال استغلال هذه البرامج والاستفادة منها ليتم صقلة وتدريبة على الحرفة او المهنه التي يرغب بها ليتمكن من تحديد هويته المهنيه ليسهل عليه الانخراط في سوق العمل وصولا الى العيش الكريم.//