ضرب تحت الحزام
حسين الجغبير
تعكس أرقام مسح دخل ونفقات الأسرة الأردنية (73.2 % من الأسر تنفق أكثر من دخلها) حقيقة أن حكومة هاني الملقي مطالبة بإعادة النظر بسياستها القاضية برفع الأسعار، والضريبة حتى لا تدفع المواطنين نحو مزيد من الانهيار المعيشي، وارتفاع نسب الفقر، بعد اختفاء ما يعرف بالطبقة الوسطى، ومحدودة الدخل والمعرضة للفقر.
وبحسب أحدث الأرقام الصادرة عن مسح دخل ونفقات الأسرة (2013 / 2014) التي نشرت أمس فإن ثلاثة أرباع الأسر الأردنية تنفق أكثر من دخلها بمتوسط يبلغ 1.393 ألف دينار سنويا (116 دينارا شهريا).
عندما يزيد حجم إنفاق الأسر عن دخلها، سيؤدي ذلك إلى زيادة حجم العجز في ميزانيتها الشهرية بشكل تراكمي، ما يعني أن هذه الأسر لن تتمكن في قادم الأيام من الانفاق حتى على السلع الأساسية الضرورية، خصوصا في ظل سياسة بطيئة تنتهجها الحكومة في اتجاه الاصلاح الاقتصادي، والتي تعتمد في تحصيلها المالي بالدرجة الأولى على المواطن، صاحب الدخل المتآكل.
الارقام المعلنة، لم تأت بجديد، فمسوح الدخل والانفاق للأعوام السابقة أدت إلى النتيجة ذاتها، ما يعني أن هناك حالة اقتصادية مزمنة تتفاقم، وتظهر جليا في أنماط استهلاك الأسر الأردنية، حتى ذهبت تلك الأسر للبحث عن خدمات وسلع أقل جودة، تتماشى مع امكانياتهم المالية، بل إلى الاستغناء عن الكثير من السلع، التي تكون إلى حد بعيد من الضروريات.
على الحكومة أن تدرك أنها تحصل ضرائب ورسوما من أسر هي في واقع الأمر لا تستطيع أن توفر التزاماتها الأساسية، وبالتالي زيادة هذه الضرائب عليها ما هو إلا "ضرب تحت الحزام"، موجع، ومقلق، وقد يكون في الكثير من الأحيان قاتل.
واهم من يعتقد أن تأثير ذلك له بعد معيشي فقط، فكلما ضاق الحال بالمرء، وبات لا يستطيع توفير ابسط احتياجاته، وسط ترقب بأن غده لن يكون أفضل، فإن التأثير والخطوة يجب أن تأخذ احترازيا طابعا أمنيا، لأن المواطن سيكون أكثر تشددا نتيجة الضغط الذي يعيشه ويرزخ تحت وطأته، فيجب على الحكومة أن تأخذ الأمر على محمل الجد، فلا تهاون، أو تباطؤ في البحث عن حلول اقتصادية، تعيد الأمل للمواطن، حلول تبتعد عن سياسة التحصيل، إلى سياسة الانتاج، لتحقيق نمو اقتصادي حقيقي.//