..  رسالة إلى آدم ؟؟ "ج 2"

سهير الدراغمه

 

منذ أن خلق الله آدم عليه السلام من قبضة تراب مختلفة الأجناس كطبيعة البشر، لم يتركه وحيداً، بل خلق حواء من جسده لتكون بجواره وبالقرب منه، لأن الله عز وجل أدرى بطبيعة البشر، كيف لا وهو خالقنا سبحانه وتعالى ويعلم الغيب وما لا نعلم ، فخلقهما الله لاستحالة استمرار الحياة بدونهما، ولولا وجودهما لما وجدنا نحن على وجه الأرض ، وخُلقت حواء من ضلع أعوج ،لا لأنها تمتاز بالعوج كما يعتقد البعض بل لأنها تتحكم بقلبها وعواطفها ومشاعرها بدلا من عقلها .

عزيزي آدم ، اعلم بأن المرأة لوحة جميلة لا تظهر ملامحها وألوانها إلا إذا خطت يداك لترسم جمال وجهها وعينيها وابتسامتها،أنت من يزيدها ألقاً ولمعاناً ورونقاً، وأنت من تضفي عليها لمسة خاصة لتزينها .. فعاملها بلطف وحنية ولا تكن قاسيا معها ، فالقسوة لم تكن يوماً مقياس الرجولة ، فعندما تحاول أن تستوعبها وتحتويها وتعلمها وتكون بجانبها ولها الأب و الأخ والزوج والصديق والحبيب ، وتتقبل أخطاءها وتناقشها ، ولا تتجاهلها ، تكون قريباً أكثر منها، فاستمع لأي شيء تريد قوله واظهر اهتمامك بها ، فلا تنزعج من غيرتها لأنها أمر طبيعي عند حواء ومن سماتها ، وهي دليل على محبتها لك ، فقد تهتم بأمور قد تكون بنظرك تافهة ولا قيمة لها، فلا تقلل من شأنها أمام الآخرين واجعلها تشعر وكأنك معجب بكلامها وفيما بعد ناقشها بأخطائها وعلمها الغلط بأسلوب جميل ستفهمه .

وكما يجب مراعاة أن اهتماماتك بالحياة تختلف عن اهتماماتها وميولك ورغباتك ،فعندما تهتم بالموضة والأزياء ، وأنت تهتم بالأخبار والسياسة مثلاً، فهذا لا ينقص من قيمتها شيئا ، فلا تستهين بها وتسخر منها،فخبرتك ومعرفتك بالحياة تكون أكبر منها ، بحكم قضاء وقتك بالخارج واختلاطك واندماجك بالمجتمع أكثر ،وأعلم أن وجودها في حياتك يعني لك الكثير دون أن تعلم .

وتأكد بأن حواء تحتاج إليك باستمرار، بينما قد تحتاج لها أنت بلحظه، فهي لا تريد منك سوى الكلمة الحنونة ونظراتك الجميلة ويديك الدافئتين شاركها الضحك والبكاء، تفهم عقليتها التي في معظم الأحيان تكون كطفلة رقيقة تحتاج للمداعبة، فتقبل عفويتها وغضبها ومرحها وأخطائها وابتسم لها وتحملها وكن صبورا معها ،فأنت يا ادم تتحكم بعقلك وليس بقلبك ؟ فلا يكاد يخلو بيت من المشاكل واختلاف الآراء ، فمهما كانت بادر أنت بمصالحتها وامسح دموعها ولا تكن السبب في نزولها ، ولا تكسر قلبها ، واجعل الكلمة الطيبة هديةً لها ، ساهموا معاً في تحقيق أحلامكم والتخطيط لمستقبلكم وكسر روتين الحياة ، فنحن لسنا في حرب لنكن مع أو ضد ، لأن المقارنة خاسرة لا محالة ، فمعاملتك هذه ستجعلها كالملاك بين يديك ، وستشعر بقمة السعادة وتذهب إلى عالم رائع مليء بالحب والحياة .

لا نستطيع أن ننكر، كم من حواء عانت من ظلم زوجها وصبرت وتحملت وضحّت بنفسها لتربية أطفالها، وكم جُرحت من آدم ؟؟ وهُدرت مشاعرها وكرامتها ، فهناك العديد من القصص في مجتمعنا تصور واقع المرأة المؤلم ،فكم أبدعت في حياتها وأخلصت في عملها وربت الأجيال، فهي نصف المجتمع إن لم تكن بأكمله ،، فضع مخافة الله بين عينيك ولا تظلمها ؟؟ لذلك شيء جميل أن تحسِن إليها وتعاشرها بالمعروف ، وتشاورها في كل الأمور المتعلقة بحياتكم ومستقبلكم ، فالتفاهم هو أساس السعادة و نجاح الحياة الزوجية، إضافة إلى ما يزينها من العواطف ومشاعر الحب الرقيقة ، فلا تتردد بإعطائها حقوقها لكي تقوم هي بواجباتك ،وصارحها بمساوئك قبل حسناتك ،إذا كانت تستطيع تحملها أم لا ؟ واختار حواء التي تناسب طبيعتك، وشخصيتك ومبادئك وأفكارك.

عزيزي آدم، وجود حواء في حياتك سيزيدها جمالاً وحيويةً، فلا تكابر بأنك تستطيع الإستغناء عنها، فالحياة لا تكتمل إلا بوجودها معك ، كيف لا وهي عالمك الخاص ومسكن أسرارك ؟؟!! وهي من ستكمل حياتك معها تشكو لها لتخفف عنك أعباء الحياة وهمومها ومشاكلها ، وليكن بعلمك أن حواء تركيبة غريبة من المشاعر الرقيقة والمختلطة بين الكيمياء والفيزياء لتحدث تفاعلاً عميقاً ممزوجاً بخلطة سحرية من الأحاسيس الرائعة والمرهفة .......... ، فهي زهرة رائعة أنت من يرويها ويهتم بها لتظهر بأجمل صورة ، احمها من غدر الزمان وقسوته وخفف عنها أعباء الدنيا ، ولا تطل البحث عنها لأنها بانتظارك// .