وزراء لا يعرفون الكتابة

وزراء لا يعرفون الكتابة

بلال العبويني

هذا الحكم لو أطلقه أحد المراقبين، لقيل إنه يأتي في إطار المعارضة العدمية لكل من هو مسؤول، لكن أن يطلقه وزير سابق تنقل في مواقع المسؤولية، وقبلها وبعدها هو منهدس معماري ورجل أكاديمي يتتلمذ عليه طلبة جامعات، فإن ذلك يستدعي التوقف مليا.

الدكتور كامل محادين، قالها صراحة في لقاء تلفزيوني مع برنامج "في عين الحدث" الذي تبثه قناة "الأردن اليوم"، وزاد عليه كثيرا في معرض نقده لمشروع "عمان الجديدة" الذي أعلن عنه رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي،عارضا جملة من الملاحظات والتساؤلات حيال المشروع إلى درجة التشكيك أنه يأتي في سياق مشاريع سياسية كبرى، عليها الكثير من علامات الاستفهام.

بناء المدن الجديدة، ليس حدثا نادرا، حيث سبقتنا الكثير من دول العالم على إنشائها، لكن الأمر يحتاج إلى دراسة عميقة واستشارات كبيرة ودراسة جدوى علمية، ومن ثم يحتاج المشروع إلى كتابة محترفة، وهذا ما لم تقدم عليه الحكومة عندما أعلنت عن مشروع كبير مثل "عمان الجديدة" دون أن تخوض في التفاصيل ما أدى إلى تخبط في التصريحات إلى درجة القول عن إحدى تلك التصريحات "إنها مزحة".

المدينة الجديدة، إن كان مخططا لها أن تكون منطقة خاصة فإن ذلك يدعونا إلى التساؤل عن مدى نجاح منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، التي قال محادين، الذي تسلم منصب رئيس لسلطتها قرابة العامين، إنها تدار بعقلية عمان، وهذا ما ينفي عنها صفة الخصوصية واللامركزية.

ثم، هل يراد للمدينة الجديدة، أن تكون تنموية، فإن كان الأمر كذلك فلنا أن نسأل عن مدى نجاح المناطق التنموية مثل المفرق وعجلون وغيرهما، وعن ما هي القيمة المضافة التي ساهمت فيها بحيث جعل لها ميزة تميزها عما كانت عليه في السابق.

نقد محادين لإعلان الرئيس عن المدينة الجديدة، يصب في ذات سياق مقالة لكاتب هذه السطور قبل أيام عن أن الحاجة باتت ماسة لرجال دولة وسياسة ليتولوا شؤون البلاد والعباد لا إلى رجال إدارة ينظّرون إلى الدولة على أنها شركة أو مؤسسة يعمل بها بضعة موظفين.//

مشروع مثل مدينة جديدة، يحتادج إلى إعلان من قبل شخصية يحترمها الناس ويثقون بها، ومقتنعين بأن قلبها على البلاد والعباد، يحتاج إلى شخصية يتعمل أولا على ردم الهوة في انعدام الثقة بين الحكومة والناس، يحتاج إلى شخصيات مسؤولة تجيد كتابة المشاريع والجدوى الاقتصادية، تحتاج إلى شخصيات تخبر الناس بصراحة فيما تفكر به وما الذي تريد أن تصل إليه.

هذا المشروع، متهم بتهم كبيرة، قبل أن يبدأ ولعل أخطرها تهمة أنه يأتي في سياق مشاريع سياسية كبرى من وزن توطين لاجئين وما إلى ذلك، وهذا بالتحديد على الحكومة أن تتصدى له للتتحدث للناس صراحة علها تستطيع بعد ذلك تقليل نسبة الخوف والهاجس الذي شكله الإعلان عن المشروع بتلك الصيغة وهذا التوقيت.