هل لأمريكا مصلحة في حل الأزمة الخليجية؟
بلال العبويني
قبل أيام اتصل بي مراسل لصحيفة خليجية يسألني عن رأيي في إذا ما كانت قمة مجلس التعاون الخليجي ستنعقد في موعدها بالكويت أم لا؟.
بشكل مباشر، قلت إن لا بوادر في الأفق لحل الأزمة الخليجية، وبالتالي فإن دورة مجلس التعاون الخليجي لن تنعقد في موعدها وسيتم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، ذلك أن البيت الخليجي أصبح يضيق بأهله شيئا فشيئا مع مرور الوقت وكلما ظل الفرقاء مصرين على التمترس في خنادقهم.
تصريحات ملك البحرين قبل أيام جاءت لتعبر عن مدى تعمّق الأزمة وتعقدها إلى الدرجة التي بات فيها العقد الخليجي أقرب إلى الانفراط منه إلى الإلتئام، وهو العقد الذي ظل طويلا متماسكا عصيا على التصدع رغم ما كان من خلافات بين دول الخليج العربي إلا أنها ظلت داخلية دون أن تتعمق لتصل إلى الخارج.
في الأزمة التي يعيشها الخليج اليوم، كانت ثمة محاولات لتظل داخل الإطار الخليجي، من هنا ما كان مسموحا لأحد أن يتدخل لحلها سوى دولة الخليجية، غير أن الأزمة كانت أعمق من أن تقدر الكويت على التوسط لحلها كما كان عليه الأمر قبل ثلاثة أعوام.
غير أن الكويت، عجزت عن تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، فمن زاوية تشترط السعودية والإمارات والبحرين ومصر تنفيذ قطر قائمة المطالب الثلاثة عشر، ومجانب آخر ترى الدوحة أن في المطالب تعديا على سيادتها وتدخلا في شؤونها الداخلية، وبالتالي لن تنفذ بندا من تلك البنود.
ذلك يعني أن الوضع سيقى على ما هو عليه ما لم تتدخل دولة عظمى لحل الأزمة، وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا التدخل يجب أن يكون بشكل مباشر وتضع فيه الإدارة الأمريكية كل ثقلها من أجل الوصول إلى حل.
لكن السؤال المهم، هل ثمة مصلحة للولايات المتحدة لحل الأزمة الخليجية؟، وبصيغة أخرى، هل الأزمة الخليجية ضاغطة بالنسبة للإدارة الأمريكية لتتوسط لحلها؟.
المنطق البسيط يقول أن مصالح الولايات المتحدة في كل دول الأزمة تسير على ما رام وليس هناك من يهددها أو يعرقلها أو يشوش عليها، بل على العكس فإن الأزمة من شأنها أن تجعل من واشنطن محجا لدول الأزمة لمحاولة كل منهم لكسب ودّ الإدارة الأمريكية لمصلحتها.
ما يعني أن عمر الأزمة سيطول إن لم يحدث أمرا طارئا ترى فيه الإدارة الأمريكية من مصلحتها حل الأزمة وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء إلى منتصف الطريق بينهم جميعا، وغير ذلك فإن على أطراف النزاع أن يتعايشوا مع الواقع وأن يتدبروا أمورهم كل حسب وجهته، وهم قادرون على العيش بدون التواصل مع بعضهم البعض، على الرغم من أن مقاطعة قطر وإغلاق الحدود معها خسارته كبيرة على الدوحة إلا أنها قادرة على تدبير أمورها لفترة طويلة وطويلة جدا على مثل هكذا واقع.
الحرب الإعلامية ستظل قائمة بين مختلف الأطراف، والملفات ستظل مفتوحة، ولعل ما يدلي به رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم من تصريحات لافت للانتباه، في ما يكشف من ملفات يوزع فيها الاتهامات في كل الاتجاهات.
إن لم تنته الأزمة بفرط عقد مجلس التعاون الخليجي قريبا، فإن الأزمة ستظل على الأقل قائمة لأجل غير مسمى ما لم تقرر الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا التدخل لحلها.